اختتمت العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان يوم 10 يناير 2015 بمقر دار الشباب أنشطتها التكوينية حول ” الأمازيغيةو حقوق الإنسان “، و التي نظمتها بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بندوة و طنية كان موضوعها:” أفاق و رهان الفاعل الأمازيغي بعد ترسيم الأمازيغية “، بمشاركة كل من الأستاذين: الحسين أيت باحسين و الحسن بازع، وبحضور عدد من الفاعلين الجمعويين و المهتمين بالشأن الأمازيغي.
تم افتتاح النشاط بالوقوف دقيقة صمت ترحما على ضحايا فيضانات الجنوب المغربي، ثم تكريم المشاركَين في الندوة، وكذا بعض الفعاليات الجمعوية المحلية، ليتم بعد ذلك إعطاء الكلمة للأستاذ الحسن بارغ الذي أكد أن تجربة الإعلام الأمازيغي تجربة فتية تحتاج إلى الأخد بيدها قصد الارتقاء بها في اتجاه تحقيق الأهداف المنوطة بها، على اعتبار أن الإعلام حق من حقوق المواطن.
لقد كان النشطاء الأمازيغيون يكتبون في منابر إعلامية تنشر بين الفينة و الأخرى أمورا ذات طابع أمازيغي، ليتم الإنتقال إلى مرحلة أخرى ارتبطت فيها الصحافة الأمازيغية بالجمعيات أو بالأفراد؛ و نموذج ذلك جريدة تسافوت التي كانت تابعة لجمعية تامينوت، وجريدة تمازيغت التى ارتبطت باسم أحمد الدغيرني، وكان ما يكتب أنذاك مرتبطا بمحاولة تشكيل و توسيع الوعي بالقضية الأمازيغية و بالنضال و الدفاع عنها.غير أن الإشكال تمثل في عدم انتظام الإصدارات بحكم الإمكانات المادية و البشرية التي يتطلبها مجال الإعلام، مما عجّل بانتهاء بعض تجارب عديدة.
و أمام سياسة الإقصاء التي شنتها بعض الصحف الحزبية من خلال رفضها نشر كل ما له علاقة بالأمازيغية تنبجس الحاجة الماسة إلى منبر إعلامي من شأنه أن يواكب حركية الحركة الثقافة الأمازيغية، ويتداول قضاياها بشكل جدي و مسؤول، الشيء الذي تحقق بشكل نسبي في أوائل هذا القرن، غير أن عدم الاستفادة من دعم الدولة، وكذا ما يطرحه التسويق من مشاكل يصعب المهمة، ويطرح السؤال عن إمكانيات الصمود.
واعتبر الأستاذ بازغ أن ترسيم اللغة الأمازيغية حمل معه آفاق ورهانات جديدة في مجال الإعلام تمثلت في الرغبة في الانتقال من صحافة أسبوعية أو شهرية إلى صحافة يومية تغطي مجالات متنوعة من خلال انفتاحها على هموم و مشاكل المواطنين. و في ضرورة السعي إلى تنظيم مسابقات للإبداع الصحفي الأمازيغي ، و تحفيز الكفاءات، وتحسين أوضاع الصحفيين و ظروف عملهم، و إنشاء شركات توزيع أمازيغية….
لينتهي في الأخير إلى أن أي مبادرة أمازيغية لا يمكن أن تستمر إلا بتضحيات المناضلين الأمازيغيين الذين يحملون في أعماقهم حبا عميقا لهويتهم.
أما الأستاذ الحسين أيت باحسين فقد عمد إلى معالجة موضوع الندوة من خلال ما أسماه: “لعبة الكلمات المتقاطعة”؛ فكلمة آفاق جاءت على صيغة الجمع للتساؤل عن ماهية مشروع مستقبلي متمثل في وضعية الأمازيغية بعد الترسيم، في حين أن كلمة رهان جاءت على صيغة المفرد؛ لكنها تستحضر كلمتين هما: التحدي و المغامرة، وبالتالي فمصطلح الرهان ثلاثي المفهوم لأنه يحمل في طياته استراتيجية التحدي التي تعني المواجهة، واستراتيجية الرهان التي تعني القضية (القضية الأمازيغية)، واستراتيجية المغامرة التي تعني غير المضمون.
وقد أكد الباحث أن بين مفهومي: “آفاق” و”رهان” ينبجس مفهوم آخر أكثر عمقا؛ يعبر عن طبيعة الفاعل الأمازيغي المتسمة بالتشردم، و واقع الأمازيغية التي ترزح تحت وطأة أنصاف الحلول. و هذا المفهوم هو: الحلم، الشيء الذي يطرح إشكالية علاقة الهوية بالحلم. و للتفصيل في هذه الإشكالية أثارأطروحات كل من ابن رشد، وابن عربي، وابن ميمون الذي توقف
الباحث عند قوله بأن الحلم حينما يكون فرديا، يكون مجرد حلم، لكنه حينما يصبح جماعيا فإنه يتحقق، ليتساءل بعد ذلك عن ماهية الحلم الأمازيغي.
حلم الكتابة و المأسسة: أكد الأستاذ الحسن أيت باحسين أن الكتابة و المأسسة شكلتا أهم ما كانت تعاني منه الأمازيغية، ولا يقصد بالكتابة تخطيط الحروف فقط، ولكن يقصد بها التعليم و التأليف و الترجمة… أما المأسسة فتتمثل في جعل الأمازيغية لغة المؤسسات؛ فالأمازيغ عبر التاريخ أنقدوا حضارات عظيمة، وأنظمة سياسية كبيرة من السقوط (المرينيون، و الموحدون، و المرابطون….)، غير أنه لم تكن مأسسة اللغة أمرا مطروحا، مما يطرح السؤال حول علاقة الثقافي بالسياسي.
يرى الباحث أنه لا يمكن الفصل بينهما؛ فالتجارب الناجحة في تدبير هذه العلاقة أكدت أن العلاقة بين السياسي و الثقافي علاقة تظافرية و تكاملية، لذلك على الفاعل الأمازيغي المزاوجة بينهما.
وقد أنهى المشارك عرضه بالتساؤل الآتي: أية آفاق لتجاوز الهوية المعطاة “الشلح” للوصول إلى الهوية المبنية، في ضوء دستور 2011؟ من بين المقاربات الممكنة للجواب اعتبار الأمازيغية دعامة أساسية من دعامات التنمية؛ على اعتبار أن الاتجاه العام للسياحة عبر العالم أصبح يتجاوز المؤهلات الطبيعية إلى المؤهلات الثقافية، و المغرب بلد غني بتنوعه الثقافي.
” ب ل”