1, يونيو 2025

عبد اللطيف بوجملة

القراءة التي ‬ساهم بها الصديق الأستاذ عبد العالي ‬تيركيت الأستاذ المتخصص والعارف بتفاصيل قوانين المالية، ‬تميط اللثام عن طبيعة الحكومة الحالية، ‬حكومة “‬الصناديق” ‬وحكومة “‬الأغلبية”. ‬فهي، ‬في ‬سياساتها المالية، ‬والنموذج مشروع قانون المالية ‬2015، ‬لم تخرج عن نسق باقي ‬الحكومات، ‬إذ ظلت حكومة نجيبة وطيعة وناعمة بالنسبة لاملاءات المانحين الدوليين، ‬ولا سيما توصيات “‬توافق واشنطن” ‬الذي ‬وضع الاستقرار الماكرو اقتصادي ‬بمثابة المقدس المالي ‬الذي ‬لا ‬ينبغي ‬المس به مهما كلف الأمر. ‬بتعبير آخر، ‬وإن رفعت حكومة بن كيران شعارات طنانة وحالمة، ‬فإنها فشلت في ‬الخروج من “‬الإطار المؤسسي ‬للسياسات الاقتصادية التي ‬بدأت منذ عام ‬1998” ‬بهاجسين: ‬السيطرة على التضخم واستقرار الأسعار.‬ وكما ‬يعرف كل مغربي، ‬فإن حكومة بن كيران إن كان من إنجاز ‬يحسب لها، ‬فيما ‬يخص “‬استقرار الأسعار” ‬فهو بالتأكيذ كونها حكومة “‬بن زيدان” ‬إذ لم تتلظ القفة المغربية من الغلاء ما تلظت به في ‬ولاية هذه الحكومة: ‬الزيادات طالت كل شيء وبطريقة متتالية لا رحمة فيها وبولاء مطلق لاملاءات خارجية.‬ وبما أن الحكومة فشلت في ‬جعل الأسعار مستقرة، ‬فإن “‬الحجج التي ‬استخدمتها” ‬لتبرير التقشف فقط للحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية والسيطرة على التضخم، ‬هي ‬بحق لا شعبية ولا ‬يمكن قبولها، ‬وخالية من الاجتهاد الذي ‬يفترض في ‬حكومة تدعي ‬الشعبية وتدعي ‬كونها تمثل المغاربة. ‬ولذلك فإن كانت القوة الشرائية للمغاربة هي ‬التي ‬تؤدي ‬ثمن تبني ‬هذه السياسات اللاشعبية، ‬فإنه بالمقابل فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة خلاقة العمل تبقى، ‬يقول الأستاذ تيركيت، ‬رهينة “‬المنافسة السعرية” ‬وبالتالي ‬رهينة التفريط في ‬محركها البشري ‬بخفض القوة العاملة بسبب عدم قدرتها الوفاء بتكاليف الإنتاج، ‬أي ‬ضرب الطبقة العاملة، ‬ليس فحسب في ‬قفتها، ‬بل في قوتها.‬ ثم إن تحديد العجز في ‬3٪ ‬تبعا للبرنامج الانتخابي ‬لحزب العدالة والتنمية، ‬يضيق من هامش اجتهاد هذه الحكومة، ‬بل ‬يجعلها متناقضة بل وتؤسس لهذا التناقض بنوع من الديماغوجيا القاتلة : ‬تبني ‬خيارات تتعارض مع تحقيق النمو الاقتصادي ‬وخلق فرص العمل.‬ ما ‬يمكن أن نقرأ من تحليل الاستاذ ” ‬تيركيت “‬هو أن حكومة بن كيران لا تملك القرار الاقتصادي ‬وفي ‬جوهره القرار المالي ‬أو النقدي، ‬الذي ‬يبقى حكرا على بنك المغرب الذي ‬يركز فقط وفقط على السيطرة على التضخم مهما كلف الأمر.‬ والأمر حقا مكلف، ‬لأن ” ‬استراتيجيته النقدية لا تستجيب بفعالية إلى (‬الحد) ‬من التباطؤ في ‬النشاط الاقتصادي ” ‬من جهة أولى، ‬ولا تعزز سياسة خفض الاستثمار العام والدين الخارجي ‬النمو الاقتصادي.‬ وهذا ما ‬يفسر، ‬في ‬المحصلة أو في ‬الحصيلة، ‬هزالة النتائج لدى هذه الحكومة لا سيما على المستوى الاجتماعي ‬ببلوغ ‬العطالة وعطالة الخريجين والناشطين عموما إلى مستويات ‬غير مسبوقة تبعا للأرقام التي ‬قدمها الباحث.‬ كما أن الرهان على الاستثمار الأجنبي، ‬الذي ‬حدد الاستاذ تيركيت طبيعته،في ‬كونه استثمار في ‬المحافظ وليس استثمارا في ‬توسيع قدرات الإنتاج الاقتصادي، ‬هو رهان على استثمار ‬غير خلاق للعمل وبالتالي ‬رهان فاشل.‬ كل هذا، ‬يجعل من حكومة بن كيران حكومة تبرر ” ‬السياسة ” ‬الوحيدة أو السياسة ذات البعد الواحد أو الأحادي: ‬الاستقرار الماكرو اقتصادي، ‬دون سواه، ‬وهي ‬سياسة لا ‬يقبلها المغاربة ولا ‬ينبغي ‬الاستسلام لها، ‬وعدم وجود نقاش حولها سيعزز أحادية صناعة القرار وصناعة السياسة العامة والسياسة النقدية والمالية ترى ماذا تحكم حكومة بن كيران وهي ‬لا تملك القرار في ‬الساسات العامة وفي ‬السياسة النقدية والمالية، ‬في ‬زمن دستور الديمقراطية التشاركية وقدرة التفاوض التي ‬يتيحها هذا الدستور ولا تجد من ‬يفعلها أو حتى من ‬يفهمها؟ بماذا إذا ستدافع حكومة “‬بن زيدان” ‬عن حصيلتها وهي ‬مجرد تابع التابع؟‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

اترك تعليقاً

Exit mobile version