فاجعة فاس: من يتلاعب بحياة المواطنين؟
20 شخصا لقوا مصرعهم بينما تم نقل أكثر من 16 شخصا للعلاج…
فاس/ المنعطف 24
تجرّنا أحداث فاجعة فاس إلى شهر عسل بين المسؤولين والمواطنين، ولكن يبدو أن هذا العسل قد غُمس في عسل مرّ. لا نعلم من المسؤول عن هذه الكارثة، لكن الجميع يتبادل التهم كأنهم في مباراة كرة قدم، والضحايا هم اللاعبون الجانبيون الذين لا يهمهم أحد. بلدية فاس والمقاطعة كانتا أول كلمتين تطرق عليهما الألسن، وكأنهما الشاهدتان الوحيدتان اللتان لم تُعِدّا نفسها لظهور الحقيقة.
دعونا نطرح السؤال الذي بات يتردد: هل ترغب البلديات في المراقبة فعلاً، أم أن دورها ينحصر في إعطاء التراخيص وجمع الضرائب، ثم ترك الأمور لتقرير المصير؟ العمارتان المنهارتان، حديثتا البناء (أقل من 20 عاماً) وكأنهما هنا للتحدي. هل السبب هو عدم جودة البناء؟ يبدو أن الجواب ليس هنا، بل في الأوراق التي كانت تحمل التوقيعات اللازمة.
نعود إلى تلك الرخص، التي ربما قد كُتبت بأقلام رخيصة، وقد يكون التعديل عليها قد أُجري بشكل سريع ودون مستندات تذكر. في وطن يفيض بالمخالفات، من يجرؤ على القول إن الأمور كانت تسير وفقاً للقانون؟
ثم يأتي حديث عدد الطوابق المسموح به — هل تم تجاوز ذلك؟ في عاصمة الثقافة المغربية، برزت العمارتان من بين الكاميرات ودعتاهما للظهور، وكأنهما عرض جذاب في معرض فني، ولكن فاجعة من هذا القبيل لا تحتاج إلى عرض، بل تتطلب تدقيقًا وسنجد أنفسنا خارج المعرض نتساءل: ماذا كان يفكر فيه هؤلاء المسؤولون؟
والمثير في الأمر أن الآلام لم تتوقف عند هذا الحد، فالعمارتان تُمثلان تحديًا أكثر من مجرد سقوط مبانٍ عادية؛ إنها قنبلة موقوتة تهدد باقي المنطقة. هل من بنايات أخرى مهددة بالانهيار؟ هل أودت المسؤولية بهما إلى حافة السقوط في فخ الإهمال؟
تستمر ضحايا الفاجعة في التلاشي، ويستمر المتهمون في تبرئة أنفسهم، كأنهم خطوات بالرقص في احتفالية تنتهي بجمجمة وعظام، بينما يجتمع كل مسؤول على فنجان شاي بعد الظهر، يتبادلون النكت حول الحادث، فما أسهل الحديث عن الحوادث عندما لا تكون المسؤولية في رقبتك.
وبين تبادل التهم وتطبيق القوانين الغائبة، يبقى السؤال الأهم: من سيحمي المواطن من خطر البناء غير القانوني؟ ومن سيضمن أن تكون فاس، عاصمة الثقافة والفنون، ليس لديها ما تخفيه غير الوجوه البائسة؟ إن ما حدث في فاس يفتح بابًا واسعًا للشكوك، ويدفعنا للتساؤل: هل ستبقى الفاجعة مجرد ذكرى، أم أننا سنريد لهذه الذكرى أن تكون بداية لتغييرات حقيقية؟
وفي النهاية، إن كانت الفاجعة قد أضاءت بعض جوانب الإهمال، فقطعت الهدوء الذي اعتاد عليه المجتمع، فهل سيكون هناك متنفس لمحاسبة المسؤولين، أو سنعود لنشاهد حوادث مماثلة تتكرر، وكلما وقع حادث، قمنا بتصويره على أنه حدث عابر في تاريخ فاس الحزين؟ فقط الوقت كفيل بإعطائنا إجابة، ولكنها قد تكون مؤلمة، كما كانت الفاجعة نفسها.
