البوليساريو وإيران:
“أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف”
“جبهة القوى الديموقراطية” تقرأ كتاب “أنور مالك” وتفتح صفحاته للجمهور
الرباط/ المنعطف 24، متابعة خاصة

انتظمت بالرباط يوم التاسع من ديسمبر الجاري (2024) ندوة فكرية سياسية خصصت لقراءة وتوقيع كتاب الكاتب والباحث الجزائري المعارض السيد “أنور مالك” وقد اختار لكتابه: “البوليساريو وإيران، أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف” كعنوان تسويقي، وقد شارك في القراءة: ( الروداني الشرقاوي، محمد الفزازي، حسن أوريد، وآخرون).
كانت الكلمة الأولى للسيد المصطفى بنعلي، أمين عام حزب جبهة القوى الديموقراطية، الجهة الراعية للكتاب الذي صدر عن “دار المنعطف للنشر والتوزيع”.
وفي كلمته الترحيبية بالجمهور الذي حج لمكان الندوة في فندق وسط الرباط، حاول تلطيف النقاش بالبدء بالكلام المأثور الذي يقول “انصر أخاك ظالما أو مظلوما” وفسر بنعلي هذا القول بأنه إذا كان نصر المظلوم من أوجب الواجبات فإن نصر الظالم ليس بتشجيعه على ظلمه، بل برده لنفسه، وإبعاده عن ظلمه ونصحه للخير.

وأوضح بنعلي في سياق تقديمه للكتاب، بأن هذا النشاط الثقافي يأتي في إطار مشروع جبهة القوى الديموقراطية، المعنون: علاقة المغرب مع جيرانه، وهي سلسلة ندوات كان أطلقها الحزب منذ سنوات، ووصلت لمحطها الثالثة الآن، حيث كان استضاف الحزب قبل أيام ندوة جديدة في إطار هذه السلسلة من الندوات، وخصصت للاتحاد المغاربي، وافتتحها الرئيس التونسي الأسبق الدكتور منصف المرزوقي. وأشار بنعلي إلى أن موضوع هذا الكتاب الذي “نستعرضه الآن” يرتبط بالمحور الثاني من ندوات علاقات المغرب مع جيرانه” وكان تحت موضوع: “التغلغل الإيراني في الشمال الإفريقي”.
ومن هنا استوحى المنظمون فكرة إصدار هذا الكتاب الذي يعتبر مرجعا وثائقيا للباحثين والقراء المهتمين بموضوع النزاع الإقليمي المصطنع حوا الصحراء المغربية، وهذا الموضوع المصطنع هو الذي يعرقل الوحدة المغاربية.
واستحضر الدكتور مصطفى بنعلي أمين عام جبهة القوى الديموقراطية المستضيفة للندوة، قول جلالة الملك محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة تصويت مجلس الأمن الدولي على القرار: 2729، حيث قال جلالته، بأن هذا النزاع يجب أن ينتهي تحت شعار “لا غالب ولا مغلوب”.
وفي حديثه عن سياق إصدار هذا الكتاب أكد الدكتور بنعلي بأن الحزب كلف اللجنة العلمية في دار المنعطف للنشر والتوزيع لقراءة هذا الكتاب، وخلصت هذه اللجنة إلى نشره، معتبرة أن فقراته وفصوله وصفحاته، تشكل مادة علمية وقانونية تستحق النشر.

وكانت الكلمة الثانية للكاتب الضيف، “أنور مالك” الذي كرر الكلام المأثور الذي استشهد به بنعلي (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) وقال في مستهل حديثه عن كتابه القيم (البوليساريو وإيران: أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف) قال بأن هناك قناعة مشتركة بينه وبين حزب جبهة القوى الديموقراطية، فيما يتعلق بموضوع المشروع الإيراني الذي يسعى لنشر العداء والفتنة بين الشعوب العربية والمغاربية والإفريقية، وأوضح “مالك” أنه ناقش الموضوع من زاويته السياسية فقط، وليس من جانبه الديني، موضحا أنه غير متخصص في الشأن الديني الذي يتركه لأصحابه المختصين.
واتهم “مالك” إيران بأن هدفها الأساس هو نشر وتصدير أفكار الثورة الخمينية لدول العالم الإسلامي وإفريقيا، ومذكرا بقطع العلاقات الجزائرية الإيرانية في تسعينيات القرن الماضي على خلفية اتهام الجزائر حينئذ إيران بنشر التشيع داخل أوساط الشباب الجزائري.
وفي سياق شرحه لمضمون الكتاب لم يخفي مالك أنه كان ضابطا في الاستخبارات العسكرية الجزائرية، ومن خلال عمله الاستخباراتي استطاع جمع عدد مهم من الوثائق والمستندات التي تخص مخيمات تندوف، واصفا الوضع في الجزائر بأنه مقلق، خاصة فيما يتعلق بتغلغل “جبهة البوليساريو” داخل دواليب الدولة الجزائرية وفي مقدمتها الجيش والشرطة والمخابرات.
مؤكدا اختراق جبهة بوليساريو للجيش الجزائري.
وفي ختام كلمته التفسيرية لمضمون كتابه، أكد الباحث الجزائري أن الهدف من كل ما يقوم به ويسعى لتحقيقه، هو محاربة الكراهية والحقد بين أبناء الشعوب المغاربية وصولا إلى بناء اتحاد مغاربي قوي وكذلك من أجل عودة “اللحمة” بين الأشقاء في المغرب والجزائر، عبر تعايش شعب واحد في دولتين (الجزائر والمغرب).
وضمن برنامج الندوة كان المتدخل الثالث الدكتور “الروداني الشرقاوي” وهو متخصص في الدراسات الجيوسياسية، الذي استهل مداخلته بإشادته بكتاب أنور مالك معتبرا إياه بأنه مرجعا وثائقيا وتاريخيا وعلميا، لأنه (الكتاب) وضع الأصبع فوق عدة جروحات، تهم الساحة السياسية في المنطقة، وعد إيران بأنها تسعى إلى تمديد مشروعها الكبير استراتيجيا وعقديا، في كل منطقة شمال أفريقيا، مشيرا إلى المؤشرات القوية ذات الصلة بالتحولات الأخيرة في الشرق الأوسط، حيث تحاول إيران خلق مناطق هامشية لإدارة الصراع لفائدتها في شمال أفريقيا، ولم يخفي “الروداني” قلقه من أن هذا النشاط الإيراني يستهدف المغرب بالأساس، عبر دعم الحركات المتمردة في الساحل الإفريقي ومنطقة الصحراء. ووصف “الدكتور الروداني” بأنه لا فرق بين الإرهاب الشيعي والسني مستشهدا بدعم إيران لحركة “ابراهيم الزكزاكي” وحركة بوكو حرام، واصفا حركة “الزكزاكي” بأنها أخطر من “داعش”.
وارتباطا بالموضوع أشار الروداني في كلمته إلى أن إيران عبر ما يسمى بولاية الفقيه تسعى إلى منافسة إمارة المؤمنين بالمملكة المغربية، هذه الإمارة التي لا تقتصر بيعتها على المغاربة فقط، بل تمتد إلى موريتانيا ودول شمال افريقيا، حيث الكثير من المؤمنين هناك، أعلنوا بيعتهم لأمير المؤمنين ملك المغرب.
وفي ختام تدخله أكد الباحث الروداني، على أن إيران تتوفر على وجود قوي في أغلب المناطق الإفريقية مستعملة الورقة الدينية لاستمالة الأتباع في هذه المناطق.
بعد ذلك جاء دور السيد “محمد الفزازي” الذي بدأ خله بدعابة قال فيها أنه إذا حصل ارتباك في حديثه، فإنما يعود ذلك إلى وجود السيد “حسن أوريد” في القاعة، وتابع كلامه قائلا: إن هذا الكتاب لو نشر قبل 30 سنة لكان لقي صدى أكبر بكثير مما قد يلقاه الآن، مستشهدا بقلة القراءة الورقية بسبب الهواتف الذكية التي غزت هذا الجيل، مؤكدا أن عنوان الكتاب يستهويه لدرجة كبيرة.
بعد هذا التقديم انتقل الفزازي ل”نقد” إيران بشكل خاص والتشيع بشكل عام، واصفا أن الطائفة التي تحكم إيران حاليا هي أسوأ طائفة شيعية في الوجود، لأنها الطائفة الوحيدة التي يقوم وجودها على فلسفة تصدير الثورة للعالم، وأن القائمين على الحكم في إيران – التي وصفها بأنها غير إسلامية – يتصيدون كل بؤر التوتر في العالم حتى بالنسبة للحركات التي تخالفهم الرأي والعقيدة والمذهب، مثل منظمة حماس الفلسطينية وجبهة البوايساريو الجزائرية، فهؤلاء ليسو شيعة لكن إيران تدعمهم لأننم يحققون أهدافها التوسعية في مناطق متعددة من بلاد الدنيا، كما أن هذه الحركات (حماس والبوليساريو) تجتمع أهدافهم مع إيران في محاربة إمارة المؤمنين بقيادة ملك المغرب. مشيرا إلى أن البيعة غير مقصورة على المغاربة فقط، بل تشمل كل دول أفريقيا.
وعبر الفزازي عن فخره واعتزازه لأن الدولة المغربية لا تتهاون مع المد الشيعي داخل المملكة، واصفا هذا المد بأنه سرطان يستشري ووجب استئصاله، وهو ما تقوم به الدولة المغربية حسب تعبير الفزازي.
وكانت آخر مداخلة للكاتب والمؤرخ الدكتور “حسن أوريد”
حيث جمعت مداخلته بين العمق السياسي والبعد الثقافي، مسلطاً الضوء على دور المعرفة في تفكيك السرديات الإيديولوجية، وعلى ضرورة قراءة التحولات الجيوسياسية بعيون نقدية بعيدة عن التبسيط.
أما سفير دولة جزر القمر فقد أكد في تدخله على التزام بلده بالاعتراف بالوحدة الترابية للمملكة.
حضر “الحفل” نخبة من المفكرين والأكاديميين والديبلوماسيين والإعلاميين وجمهور واسع من المهتمين، الذين تابعوا النقاش.
