24, نوفمبر 2025

الماركسية و الدين: مصالحة و تبديد الالتباس.

عبد الرضي لمقدم

 

 

 

 

رافق مقولة ماركس الشهيرة ” الدين أفيون الشعوب ” جدال كبير حول العلاقة بين الدين

والدولة وبينه وبين الماركسية والتيارات التقدمية بشكل عام بما تجاوز المعنى السطحي لمقولات ماركس وموقف الماركسية بشكل أوسع.

و إذا كان ماركس قد قال مقولته الشهيرة المشار إليها أعلاه، فإنه كان يقصد العلاقات التي كانت سائدة بين الدولة البروسية والكنيسة البروتستانتية في ألمانيا خلال القرنين السابع

والثامن عشر الميلادي. لكن قد ضل لهذه الجملة صدى خاص، فالدين يمكن أن يكون أفيونا مثلما يمكن للفن والأدب أن يكونا أفيونا كما هو الشأن بالنسبة لكرة القدم والسياسة أن يكونا أفيونا هما الأخرين . هذا وقد عبر عن ذلك صراحة فيديل كاسترو  الراحل في حوار مع أحد الكرادلة في كوبا.

فماركس لم يعمم مقولته لتكون صالحة  لكل عصر أو لكل قطر او لكل التشكيلات الاجتماعية كما فعل غيره ( أنجلز- لينين) فقد أكد هؤلاء أن الدين كعنصر مهم في دعم

ومساندة نضال الكادحين وهو ما  يستنتج من كلام ماركس عن الفلاحين في ألمانيا.

فلا يهم إن كان الإنسان مؤمنا أم لا لأنه في الأخير ما يهم هو قراءة الواقع لاستخلاص قواعد ومستنتجات تمكن من تغيير كل الجوانب الإيجابية وتوضيفها لإحداث ذاك التغيير المنشود وتشخيص الجوانب السلبية التي تعيق هذا الغرض ودراسة تأثيراتها المحتملة أن تعرقل مسار التطور التاريخي للبشر.

فأولا وقبل كل شيء يجب الإقرار بأن ماركس قام فقط باقتباس عبارة” الدين أفيون الشعوب” من الفيلسوف إيمانويل كانط حيث وردت العبارة في كتابه (الدين في حدود الفعل البسيط) حيث كان رجال الدين المسيحيين يقدمون تطمينات عند رؤوس الموتى لا سيما

وأنه كان هناك تخوف سائد لدى العامة من الموت والخوف هنا هو خوف بدني وليس خوف أخلاقي.

على خلاف الدين الإسلامي، ففي الدين المسيحي هناك طبقة تسمى_ الإكليروس_ وهي مؤسسة قائمة الذات وفق الترتيب والتسلسل الهرميين في الكنيسة وهؤلاء يقومون بدور الوسيط وهذا الدور هو الذي تستمد منه الكنيسة سلطتها الرمزية والروحية في حين لا توجد هذه المؤسسة في الإسلام رغم أن هذا الأخير توجد به مذاهب وفرق واجتهادات أحيانا متصادمة فيما بينها.

لذلك نجد أن التقدميون العرب سقطوا في هذا الخطأ باستعمالهم لمقولات ماركس وأنجلز

وغيرهم نفسها في شأن الدين رغم اختلاف الزمان والمكان والظروف والأوضاع حيث حاكموا الدين من موقع مسيحي وغربي وهذا ما أدى إلى أخطاء فكرية قاتلة.

اترك تعليقاً

Exit mobile version