24, نوفمبر 2025

 

تخيل لو ارتدت القيم قفاز الحراس؟

في ملاعب الكرة المغربية، يتلألأ اسم حراس المرمى كما لم يحدث من قبل.

يخرجون من بين العارضتين كأعمدة نور، يصدون المستحيل، يمدون أجسادهم كأنها خيوط رياح، ويرسمون بأطراف أصابعهم لحظة خلاص قد تغير مجرى مباراة كاملة. تفوق لافت، مستمر، ومنتظم، جعل من المغرب مدرسة حقيقية في هذا المركز الصعب، حتى بات المرمى منطقة سيادة مغربية بامتياز.

لكن، وسط هذا التألق، ينساب سؤال آخر… سؤال خارج المستطيل الأخضر، أشد إيلاماً من هدف في الوقت بدل الضائع:

ماذا لو كانت حراسة القيم عندنا بنفس الصرامة، بنفس اليقظة، بنفس الفخر؟

تخيل لو أن النزاهة ترتدي قفازين مثل قفازات بونو والجعفري، لا تسمح لفساد أن يتسلل، ولا لقرار مرتجل أن يعبر خط المرمى.

تخيل لو أن المسؤولين في مواقعهم يملكون ردة الفعل نفسها التي نراها في الملاعب. سرعة في التدخل حين يقترب الخطر، جرأة في الانقضاض على الأخطاء قبل أن تكبر، ووقوفاً شامخاً يجعل الناس يشعرون بالأمان لا بالخذلان.

الأجمل في الحراس أنهم لا ينتظرون التصفيق، ولا يختبئون خلف المبررات.

فشل واحد يكلفهم مباراة، وانكسار بسيط قد يفتح الباب لخصم لا يرحم.

أما في ملعب القيم، فنرى العكس: أخطاء تتكرر بلا محاسبة، وخرقات تمر بلا رقيب، وحالات تسلل أخلاقي تحتسب أهدافاً شرعية في صمت إداري مطبق.

لهذا تمنيت، وما زلت، لو ارتدت القيم في هذا البلد قفازات حراسنا.

قفازات تعرف أن الشرف ليس شعاراً، وأن الثقة مسؤولية، وأن الدفاع عن المصلحة العامة أشرف من تسجيل ألف هدف.

فكما يرفع الحراس راية المغرب في الملاعب، نحتاج لمن يرفع راية القيم خارجه…

لأن الأوطان التي تملك حراس مرمى كباراً تربح المباريات،

أما الأوطان التي تملك حراس قيم كباراً، فهي التي تربح المستقبل.

اترك تعليقاً

Exit mobile version