ليلى خزيمة
الأسلوب السريالي هو النغمة التي شكلت على أوزنها الفنانة التشكيلية لمياء مكسي المنحوتات التي تعرضها بدار الفنون بالدار البيضاء في الفترة الممتدة من 23 مايو إلى 19 يونيو، قبل أن تشد بها الرحال إلى دار الفنون بالرباط، حيث ستظل معروضة إلى غاية 30 غشت.
أعمال من نسج الخيال أطلقت عليها اسم “سيريوس”. تتواتر فيها الأحلام، بالسفر، بعالم المحيطات، وحتى السيمفونيات الموسيقية التي تصاحب أشكال منحوتاتها وأحجامها غير الاعتيادية. وسيلتها في هذا كله عالم الحرية اللامتناهي. أعمال لمياء مكسي، المثيرة للإعجاب بحجمها، تأخذ المشاهد إلى عالم مرح وروحاني في نفس الوقت، حيث تبحث الفنانة من خلالها عن الذات والحرية. تتداخل قطع منحوتاتها معا لتشكل كتلة واحدة. ما يشاهده الزائر هو آلة حقيقية تتحرك، بألوان نابضة بالحياة، أعمال تطفو على السطح دونما جاذبية، على شكل رقصة أو مقطوعة موسيقية تسبح في الفضاء.
كل منحوتة من أعمال الفنانة هي لغز يحتوي على قفل يجب العثور على مفتاحه للوصول إليه. بحث لا نهاية له عن السعادة، وهو ما تدعونا لمياء مكسي لاستكشافه. القاسم المشترك في جميع القطع هو الحركية التصاعدية التي تمثل طموحا ورفعةودعوة إلى الانفتاح على العالم.مشاهدات تجعل الزائر يخوض تجربة التأمل والبحث عن الذات والتواصل مع الطبيعة وتجاوز الحدود المرئية. فمن خلال أعمالها، تزرع لمياء مكسي الفرح والحرية والتنوع الثقافي والمشاركة.
هذه ليست المرة الأولى التي يستمتع فيها البيضاويون بأعمال مكسي. ففي العام الماضي، أثثت هذه المعروضات وهذه المنحوتات المتفردة كورنيش العاصمة الاقتصادية لسنة كاملة. فَوُضعت في نقاط استراتيجية على ساحل الدار البيضاء، من حي العنق إلى شاطئ سيدي عبد الرحمان. حجمها وألوانها سحروا لب المشاة على طول الشاطئ. تقول لمياء مكسي: «للاطلاع على الفنون البصرية، يقتصر الأمر بشكل عام على صالات العرض وهذه الفنون مخصصة لنخبة اجتماعية معينة. أعمالي مصممة للأماكن العامة لتكون مرئية للجميع. يجب أن يسيطر الفن على الشارع، تماما مثل الجداريات التي تضفي طابعا خاصا على المدينة.»
عصامية، علمت لمياء مكسي نفسها بنفسها، وبرعت في استكشاف المواد الخام. فهي من بين الفنانين المغاربة النادرين المتعددي المواهبوالذين يصممون نماذجهمبمواد معدنية أوبلاستيكية أو رخامية أو من الألياف الزجاجية. فلطالما انبهرت لمياء مكسي ببريق المعدن منذ طفولتها. حيث كانت تصنع مجوهراتها من بقايا الأشرطة المعدنية وتسعى إلى إعادة تشكيل كل ما تقع عينها ويدها عليه من مادة خام. واليوم، ومن خلال عملها، تجد نفسها تتقاسم مع العمال والحرفيين عالما ذكوريا حصريا. فقد تمكنت من كسر الحواجز بمهارة وفرض حسها الأنثوي المرهف: «يرتبط النحت والرسم والشعر بشكل وثيق بنهجي الإبداعي. فهي مسارات أتخذها وسيلة لرسم لغة عالمية تتحدث،في نهاية المطاف، إلى الروح الإنسانية». تقول لمياء مكسي في تعبير عن طريقة اشتغالها.
“سيريوس” ليست فقط منحوتات وأشكال، بل هي تجربة فنية مفعمة بالروح والإنسانية الهدف منها المشاركة وإيقاظ حس التأمل في الكون لدى الزائر. خاصة وأن الفنانة تسعى دائما إلى إعطاء قيمة رفيعة إلى مختلف المواد من أصل معدني.معروضات لمياء مكسي اليوم خرجت مباشرة من مخيلة الفنانة في انعكاس لروحها الداخلية، لتقدم من خلالها للمشاهد مادة فنية غنية متعددة القراءات. فهي التي تقول عن مجموعتها أنها: «قادمة من عالم الطفولة، وهي التفاتة للبيئة، للألوان، للفرح، لعالم الخيال والحلم. هو نوع من الفن المتجدد الذي يلبي رغبة كل من يتعرف إليه».