a24-سناء كريم
أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرة حول “الحق في الماء”، في إطار ممارسة صلاحياته كمؤسسة وطنية معنية بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها والوقاية من انتهاكها، وعملا بالتوجهات الإستراتيجية للمجلس (2022-2024) القائمة على “فعلية حقوق الإنسان”.
وتستند المذكرة على تقييم عناصر السياسات المائية المعتمدة، والتي تبين وجود صعوبات في مواجهة التحديات التي يفرضها السياق الوطني الحالي. حيث تعمقت ظاهرة الإجهاد المائي التي يعرفها المغرب، والتي أدت إلى انخفاض موارد المياه المتجددة المتاحة من 2560 مترا مكعبا إلى حوالي 620 مترا مكعبا فقط للفرد سنويا بين عامي 1960 و2020، ودخول البلاد في وضعية “إجهاد مائي هيكلي”.
معدل التساقطات المطرية يسجل انخفاضا حادا:
وحسب المذكرة التي يتوفر “المنعطف 24” على نسخة منها، جعلت موجة الجفاف الحالية، والتي لم تشهدها البلاد منذ 40 عاما، مشكلة التزود بالماء تتحول إلى إحدى أهم أولويات السياسات العمومية خلال سنة 2022، حيث سجل معدل التساقطات المطرية انخفاضا حادا بلغت نسبته 47 في المائة نهاية شهر غشت 2022. وقد أدى هذا الوضع إلى انخفاض مخزونات مجمل السدود إلى مستويات دنيا غير مسبوقة، مسجلة عجزا صافيا بلغت نسبته 85 في المائة سنة 2022، وهو ما دفع السلطات المختصة إلى إعلان “حالة طوارئ مائية”.
وسعيا منه للمساهمة في النقاش العمومي حول تداعيات الإجهاد المائي على ضمان “الحق في الماء” للمواطنات والمواطنين، قرر المجلس إصدار مذكرة من أجل تقديم رؤيته وتصوره لتطوير السياسة المائية بما يضمن تعزيز الحق في الماء، الذي يعتبره شرطا أساسيا للتمتع بباقي حقوق الإنسان الأساسية الأخرى.
على المستوى الإجرائي المستعجل:
ودعت المذكرة إلى اعتماد سياسة عمومية تهدف إلى إيجاد حلول آنية مستعجلة، وذلك عبر الاشتغال على المحاور الاستعجالية التالية:
-1البحث عن بدائل لبعض الزراعات المستهلكة للماء بكثرة، ومراجعة النموذج الزراعي المعتمد والموجه للتصدير، ووضع لائحة للمنتجات الزراعية المستنزفة للماء لتقنين إنتاجها أو حظرها إذا اقتضت الضرورة.
2- إدماج كلفة الماء في النموذج الاستثماري المعتمد، وتصحيح الاعتقاد السائد والذي مفاده أن الماء مورد طبيعي موجود بوفرة ولا كلفة له، ما أدى لتطور سريع للاستثمارات الفلاحية والصناعية المستنزفة للموارد المائية الوطنية.
3- تفعيل المسؤولية المجتمعية للمقاولات لحماية الثروة المائية، ودعم انخراط المؤسسات الخاصة في حماية الحق في الماء في بلادنا.
4- بناء قاعدة بيانات محينة حول الموارد المائية وضمان الوصول إليها من طرف الباحثين والمجتمع المدني والرأي العام، لمعرفة الحجم الحقيقي للموارد المائية وتطوره ولتحسين طرق تدبيرها.
5- مكافحة تلوث المياه عبر تعميم الصرف الصحي ومعالجة المياه العادمة، وتعميم تزويد مختلف المدن وكذا العام القروي بالتطهير السائل.
6- والحد من الاستغلال المفرط للمخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية، وإقرار منع صارم لعمليات الحفر واستغلال الآبار بطريقة غير قانونية، وتحديد كلفة مالية لاستغلال المياه الجوفية حسب المناطق، وإعداد جرد دقيق لها، مع اعتماد توزيعها بشكل عادل بين الأجيال، وحمايتها من التلوث.
7- ودعا المجلس إلى توسيع اعتماد تقنية “تحلية مياه البحر”، لمواجهة الطوارئ المائية ولضمان الحق في الماء لكافة المواطنين “، وهي التقنية التي يعتبرها خيارا مهما بالنسبة للمغرب، نظرا لتوفره على واجهتين بحريتين تحيطان به، ولنجاح هذه التقنية في ضمان الحق في الماء في بعض البلدان التي اعتمدتها خلال العقود الماضية.
كما دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عبر مذكرته مختلف الفاعلين المؤسساتيين وغير المؤسساتيين، إلى العمل على حماية الحق في الماء. وتعتبر هذه المذكرة وسيلة لدق ناقوس الخطر حول الوضعية التي بلغها استنزاف الموارد المائية، وتعمق الإجهاد المائي خلال السنوات الأخيرة. ويسعى المجلس من خلال التوصيات والمقترحات التي تقدمها المذكرة إلى تعزيز المجهودات التي تسعى إلى إيقاف الإجهاد المائي، وترشيد استغلال الموارد المائية ذات الأهمية للاستقرار الاجتماعي وللحياة الكريمة لكل المواطنين، وحماية “الحق في الماء” بالنسبة للجيل الحالي وللأجيال القادمة.