إدريس حميمنات.
صفة التنصل من مسؤولية البرنامج الحكومي 25 ألف إطار وإلقاء اللوم على الآخرين أصبحت صفة سائدة لدى الكثيرين في المجتمع المغربي، ونلمس ذلك بوضوح على مستوى مختلف القطاعات، بدءا من تصريحات وردود أفعال كبار المسؤولين وانتهاء بمبررات صغارهم، حتى باتت المسؤولية شماعة يعلق عليها كل مقصر نتائج عمله. وبات الاتهام والتنصل من المسؤولية يخرج عن نطاق الوزارة المسؤولة ليمس وزارة ومؤسسة أخرى، أليس هذا المسؤول مهندسا للبرنامج الوطني وأدرى بالمطلوب من موقع مسؤولياته الادارية والمهنية، فمن المسؤول اذن عن البرنامج الوطني 25ألف إطار؟ وعن تحديد ميزانيته؟ وجلب أطره عبر الانتقاء والمباراة للحصول على الكفاءة المهنية؟
في خضم كل هذا وذاك تشهد شوارع وساحات مدينة الرباط عدة انزالات واعتصامات توالت أيامها وتعددت أساليبها واحتجاجات أصحابها، الذين أصبحوا محط اهتمام كل شرائح المجتمع، اللهم من أهل الدار الذين يسنون سياسة الآذان الصماء والتنصل والأبواب المغلقة. إنهم خريجو البرنامج الحكومي 25 ألف إطار والحاصلين على شهادة الكفاءة المهنية، الذين تلقوا تكوينات علمية وتقنية على يد كفاءات وطنية من داخل الجامعات ومعاهد التكوين المهني. ولم يفتح معهم إلى حد الآن حوار جاد ومسؤول من طرف القائمين على القطاع، اللهم تلك المقاربات القمعية التي ينهجها الجلادون لإسكات صوت الحقيقة.
لقد جاء الإنزال الوطني التاسع يومه الأربعاء 18 يوليوز 2018 لعل القائمين على الوضع ينقذون ماء وجوههم، ويشرعون في إيجاد سبل جدية لحل هذا الملف المطلبي العادل والمشروع، إلا أن لقمان معجب بحاله. كيف لا وفوج الكفاءة المهنية من خيرة أبناء الوطن، الذين لبوا النداء وتحصلوا على شواهد عليا متعددة، وولجوا أبواب العطالة قسرا في عز الأزمة التي تشهدها الحكومة الحالية. فلقد كان من الواجب على الوزارة المشرفة أن تجد حلا سريعا ما دام الخصاص في الموارد البشرية مهولا، نظرا لجاهزيتهم المعرفية والتكوينية، واستجابة للبرنامج الحكومي 25 ألف إطار.
إن الصورة التي هزت مشاعر الأطر من داخل الاعتصام، ذلك المنع من دخول وزارة التربية الوطنية لتتبع مراسلاتهم، وتلك التدخلات الأمنية العنيفة في حقهم، وتنصل مهندس البرنامج من مسؤوليته اتجاههم.
وللإشارة فقط، لو كل فرد في هذا المجتمع على اختلاف دوره ومهامه أدرك مسؤولياته واستوعب حقوقه وواجباته وحدود صلاحياته وقام بدوره مراعياً للمصلحة العامة واعترف بالخطأ عند حدوثه لما اضطر أحد أن يتنصل من المسؤولية، ليضيع الحقوق والواجبات ويفرز العشوائية والضبابية ويعرقل الإنجازات ويؤخر مسيرة التنمية المنشودة في هذه البلاد. فما هو الدافع الذي يجعل رئيس الحكومة المغربية يواكب ” هذا الصمت المطبق ” ، علما انها تغنت في كثير من المناسبات بحفظ كرامة المواطن المغربي؟