المنعطف- خاص
أسفرت أشغال الاجتماع الثالث للجنة العليا المشتركة للشراكة المغرب-بلجيكا، المنظمة بداية الأسبوع الجاري تحت الرئاسة المشتركة لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، والوزير الأول البلجيكي، ألكسندر دي كرو عن عزم البلدين تعزيز التجارة، والاستثمارات، والتعاون في مجال المناخ والانتقال الطاقي عبر تطوير الطاقات المتجددة والجزيئات الخضراء، وكذا في مجال تدبير المياه والبنيات التحتية والنقل.
وشارك في هده الأشغال عن الجانب المغربي، وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير العدل، عبد اللطيف وهبي، ووزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، والوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، محسن الجازولي، وسفير المغرب ببلجيكا، محمد عامر، يضم في الوفد البلجيكي نائب الوزير الأول، وزير العدل، بول فان تيغشيلت، ووزيرة الداخلية، أنيليس فيرليندن، ووزيرة الشؤون الخارجية، حاجة لحبيب، وكاتبة الدولة لشؤون اللجوء والهجرة، نيكول دي مور، ورئيسة لجنة الإدارة بوزارة الشؤون الخارجية، ثيودورا غينتزيس.
مبادرة الحكم الذاتي أساسا جيدا لحل مقبول من جميع الأطراف
اعتبرت بلجيكا أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب في 2007 بمثابة “مجهود جدي وذي مصداقية من قبل المغرب وأساس جيد للتوصل لحل مقبول من جميع الأطراف”.
وتم التعبير عن هذا الموقف ضمن الإعلان المشترك الذي تم اعتماده خلال الاجتماع الثالث للجنة العليا المشتركة للشراكة المغرب بلجيكا، والذي ترأسه اليوم الإثنين بالرباط، كل من رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش والوزير الأول البلجيكي السيد ألكساندر دي كرو .
وحسب الإعلان المشترك، فقد جدد دي كرو في هذا الإطار دعم بلاده المعهود للمسلسل الذي تقوده الأمم المتحدة من أجل التوصل لحل سياسي عادل، مستدام، ومقبول من جميع الأطراف .
وبهذه المناسبة، اتفق الجانبان، وفق ما جاء في الإعلان المشترك، على “حصرية دور الأمم المتحدة في المسلسل السياسي، وجددا دعمهما للقرار 2703 (2023) الصادر عن مجلس الأمن الدولي والذي أكد على دور ومسؤولية الأطراف في البحث عن حل سياسي، وواقعي، وبراغماتي، ومستدام، يقوم على التوافق”.
إشادة بالإصلاحات التي قام بها المغرب تحت قيادة جلالة الملك
أشادت بلجيكا بالإصلاحات التي قام بها المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على مدى السنوات الخمس والعشرين الأخيرة ، من أجل مجتمع واقتصاد مغربيين أكثر انفتاحا وديناميكية.
وأكدت بلجيكا، في الإعلان المشترك المعتمد على أهمية النموذج التنموي الجديد والجهوية المتقدمة والعديد من الإصلاحات الطموحة، من قبيل الإصلاح الحالي لمدونة الأسرة.
وفي إطار التزامها ذي الأولوية تجاه المنطقة، أشادت بلجيكا أيضا بالمبادرة الأطلسية التي أطلقها جلالة الملك “كمساهمة مبتكرة في اندماج البلدان الإفريقية الأطلسية وتعزيز التعاون مع دول الساحل” ، معتبرة “المحيط الأطلسي حلقة وصل بين الشمال والجنوب، وإفريقيا وأوروبا، وبين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي”.
المغرب شريك استراتيجي رائد ومحوري
في تصريح إعلامي، أكد الوزير الأول البلجيكي، ألكسندر دي كرو، على أن المغرب يعد شريكا استراتيجيا رائدا لبلجيكا، بل “شريك رائد ومحوري، تربطنا به علاقات عريقة وقوية ومتنوعة”.
وأبرز، في هذا الصدد، أن هذا الاجتماع يؤكد “الرغبة المشتركة في الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى أقصى إمكاناتها”، مسجلا أن “هناك إنجازات كثيرة يمكن للمغرب وبلجيكا القيام بها معا”.
وقال “إننا نعيش في عالم معقد، وأمامنا تحديات يصعب للغاية على أي بلد أن يتعامل معها بمفرده”، مضيفا أن “وجود أصدقاء جيدين هو أفضل ضمان للرخاء والأمن والاستقرار لشعوبنا”.
وأوضح دي كرو أن المغرب وبلجيكا “صديقان مقربان”، مبرزا أن “البلدين برهنا على إمكانية العمل سويا في الأشهر الماضية”.
وبالمناسبة، عبر الوزير الأول البلجيكي عن ارتياحه لمواصلة مسلسل الحوار السياسي الذي يتعزز اليوم من خلال عقد هذا الاجتماع في جو من الثقة المتجددة، معربا عن أمله في رؤية الشراكة بين البلدين تتعزز بشكل أكبر، لتستفيد من كامل إمكاناتها في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
كما ذكر بأن هذه السنة تصادف الذكرى ال60 لاتفاقية 1964 المتعلقة بتشغيل اليد العاملة المغربية في بلجيكا، مشيرا إلى أن “أكثر من 5 في المائة من سكان بلجيكا تربطهم روابط عائلية مع المغرب، وهؤلاء الأشخاص يشكلون قوة ومساهمة قيمة لبلجيكا. إنهم جزء لا يتجزأ من الحياة الوطنية، وينشطون في العديد من المجالات، ويساهمون في ثروة بلجيكا وتنوعها”.
بلجيكا ملتزمة بتعزيز الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي
أكد المغرب وبلجيكا مجددا على مركزية الشراكة التاريخية والمتميزة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي، واتفقا على العمل من أجل الحفاظ على استقرار واستمرارية الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، كما جددا التزامهما بالمساهمة في تعزيز هذه الشراكة على جميع المستويات، مع مواصلة العمل سوية في المحافل المتوسطية من أجل تعزيز التنمية المستدامة والسلام والأمن والاستقرار في المنطقة، ولا سيما من خلال الاتحاد من أجل المتوسط.
وبخصوص القضايا الإقليمية، أبرز رئيسا الحكومتين الأدوار البناءة، والإيجابية التي يضطلع بها كل من المغرب وبلجيكا في الحفاظ على السلام والاستقرار في منطقتيهما.
وجاء في الإعلان المشترك أنه اعتبارا لتواجدهما معا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، جدد البلدان التأكيد على عزمهما مواصلة الجهود في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والنهوض بها، وتعزيز التشاور حول القضايا ذات الصلة بالدفاع عن حقوق الإنسان، والنظر في إمكانية تنظيم مشترك لتظاهرات داخل المحافل متعددة الأطراف المواتية.
وفي هدا الإطار، قال الوزير الأول البلجيكي، ألكسندر دي كرو، إن بلجيكا ملتزمة بالمساهمة في تعزيز الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي على كافة المستويات.
وأكد الوزير الأول البلجيكي، في تصريح صحفي أن “المملكة المغربية شريك استراتيجي ومهم بالنسبة للاتحاد الأوروبي”، وأوضح دي كرو، الذي تتولى بلاده حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أن هذا الاجتماع شكل فرصة لتجديد التأكيد “على التزامنا بالمساهمة في تعزيز هذه الشراكة على كافة المستويات”.
وفي هذا الصدد، نوه بتميز “العلاقات الجيدة، والعريقة والعميقة”، التي تجمع المملكتين، معربا عن إرادة بلاده في تطوير وتعزيز أكثر لهذه الشراكة الاستراتيجية.
من جهة أخرى، أشاد دي كرو بـ”إمكانات وطموحات” المغرب، لاسيما في مجال الهيدروجين الأخضر، منوها بمذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين، بمناسبة هذا الاجتماع، المتعلقة بمجال الطاقة الخضراء.
وقال الوزير الأول البلجيكي: “إننا نود تطوير شراكتنا الاقتصادية بشكل أكبر، ويوفر ميثاق الاستثمار المغربي وكذا العرض المغربي بخصوص الهيدروجين الأخضر فرصا استثمارية مهمة لشركاتنا البلجيكية”.
وفي ما يتعلق بمذكرة التفاهم حول تحديث الإدارة القضائية، الموقعة اليوم الاثنين، أشار السيد دي كرو إلى أن التعاون بين وزارتي العدل في البلدين “سيساعدنا على مكافحة الجريمة المنظمة بشكل أفضل”.
التوقيع على مذكرتي تفاهم وخارطة طريق للتعاون
وقع المغرب وبلجيكا، على مذكرتي تفاهم وخارطة طريق للتعاون، وذلك بمناسبة انعقاد الاجتماع الثالث للجنة العليا المشتركة للشراكة المغرب-بلجيكا.
وتتعلق هذه الاتفاقيات، التي تم توقيعها خلال هذا الاجتماع المنعقد برئاسة رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، والوزير الاول البلجيكي، ألكسندر دي كرو، بمذكرتي تفاهم حول تحديث الإدارة القضائية والطاقة الخضراء، بالإضافة إلى خارطة طريق تتعلق بالأعمال المنجزة في إطار الحوار السياسي.
وتهم خارطة الطريق للتعاون، التي وقعها كل من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزيرة الشؤون الخارجية والشؤون الأوروبية والتجارة الخارجية والمؤسسات الثقافية الفيدرالية حجة لحبيب، الإجراءات التي تم تنفيذها في إطار الحوار السياسي (عقد مشاورات سياسية، ولقاء وزيري الشؤون الخارجية، وتنظيم اجتماعات اللجنة العليا المشتركة)، كما تحدد آفاق التعاون الثنائي في مختلف المجالات (الانتقال الطاقي، والهجرة، والأمن، وحقوق الإنسان…).
وتروم المذكرة التي تهم تحديث الإدارة القضائية، والتي وقعها كل من وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، ونائب الوزير الأول، وزير العدل البلجيكي، بول فان تيغشيلت، إرساء إطار للتعاون والتبادل بين الجانبين في ما يتعلق بتحديث الإدارة القضائية وتعزيز قدراتها التدبيرية وتنمية مواردها، وذلك من خلال تبادل المعلومات حول التطورات التشريعية المرتبطة بمجال العدالة، والدعم التقني لمشاريع إصلاح منظومة العدالة.
وبخصوص مذكرة التفاهم المتعلقة بمجال الطاقة الخضراء، التي وقعتها وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، والسيدة حجة لحبيب، فتروم تطوير التعاون بين الطرفين، على أساس تحقيق المنفعة المتبادلة في مجال الطاقة الخضراء بما فيها الأمونياك الأخضر، وذلك عبر تشجيع التبادل في هذه المجالات ودعم الجهود التي يبذلها الطرفان من أجل إنتاج وتوزيع الهيدروجين الأخضر والأمونياك للاستهلاك المحلي والتصدير الإقليمي والدولي للقطاع الصناعي نحو التجمعات الصناعية لمملكة بلجيكا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
تجديد التأكيد على التشبث الراسخ بسيادة ليبيا ووحدتها الوطنية
جدد المغرب وبلجيكا، التأكيد على تشبثهما الراسخ بسيادة واستقلال ليبيا وبوحدتها الترابية والوطنية.
وذكر رئيسا الحكومتين في هذا الإعلان بالدور المحوري للأمم المتحدة في تسهيل مسلسل سياسي دامج يقوده الليبيون ويترجم بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية بليبيا. وفي هذا الصدد، أثنى الجانب البلجيكي على جهود المغرب لتسوية الأزمة الليبية، لاسيما عبر احتضانه في الفترة ما بين 22 ماي و7 يونيو 2023، لاجتماعات اللجنة المشتركة “6 + 6” المكلفة بإعداد القوانين الانتخابية الليبية في إطار مسلسل الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة.
وجاء في الإعلان المشترك أن البلدين يتقاسمان الهدف الاستراتيجي نفسه والمتمثل في المساهمة في تعزيز السلام والأمن، والتنمية في المنطقة الأورو -إفريقية، و أن الجانبين يجددان التأكيد على التزامهما بالعمل من أجل تعزيز السلم والأمن والتنمية لفائدة شعوب منطقة الساحل.
وأخذا بعين الاعتبار مبادرات شركائها اعتمدت بلجيكا ، كما جاء في الإعلان المشترك، استراتيجية متكاملة لمنطقة الساحل.
الدعوة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار على غزة
بخصوص الوضع في الشرق الأوسط، أدان المغرب وبلجيكا معا الهجمات التي تستهدف المدنيين، معربين عن انشغالهما البالغ بالوضع في غزة، حيث يدعوان إلى وقف فوري و شامل ومستدام لإطلاق النار في القطاع.
كما يؤكد البلدان ضرورة التقيد بقرار مجلس الأمن رقم 2728 لـ 25 مارس 2024، مع السماح بوصول المساعدات الإنسانية عبر كافة المعابر، ودون عراقيل، لكل مناطق قطاع غزة .
وعبر البلدان في هذا الصدد عن رفضهما كل محاولة للتهجير القسري للسكان المدنيين. وأكد البلدان أن حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلم وأمن، هو الحل الوحيد الذي من شأنه أن يفضي إلى سلام دائم وعادل بالشرق الأوسط.
كما جدد الجانبان التأكيد على الأهمية المحورية للمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة، معبرين عن إدانتهما لكل خرق لهذه المبادئ وللجوء إلى العنف، وعبرا في هذا السياق عن انشغالهما العميق بشأن تداعيات الحرب بأوكرانيا، لاسيما في ما يتصل بتفاقم الأزمة الإنسانية، والغذائية والطاقية العالمية.