بقلم: عبد الرضي لمقدم
أصدرت التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بالمغرب خلال شهر فبراير الجاري تقريرا لها عن ثلاث سنوات من عملها الذي عنونته ب ” ثلاث سنوات من العمل التعاضدي المتواصل ” حيث أفادت بأن مجلسها ومكتبها المسير حددا أهداف كبرى يعملان على تنزيلها بشكل تدريجي وذلك بالنظر إلى الحصيلة المثقلة بالاختلالات التدبيرية والتسييرية والتي رصدتها تقارير لجن الإفتحاص والمراقبة و التي تراكمت خلال المدة الفاصلة بين سنتي 2010 و2019 وقد تركز العمل على التهيئ والإستعداد للعمليات الانتخابية و ضمان السير العادي للمؤسسة خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2019 و2021.
خارطة طريق جديدة ومخطط استراتيجي
و في هذا الإطار يضيف التقرير، بأنه بالموازاة مع ذلك رسمت أجهزة المؤسسة خارطة طريق جديدة ومخطط استراتيجي تضمن ستة أهداف للسنوات الثلاث الأخيرة، حيث تم التركيز على إعادة هيكلة الأجهزة المنتخبة بحيث نظم المتصرفون المؤقتون عمليات انتخاب مناديب المنخرطين خلال شهري شتنبر وأكتوبر من سنة 2020 ، ليتم انتخاب المجلس الإداري ورئاسة ومكتب التعاضدية وجميع اللجن بتاريخ 16 يناير 2021، لينتهي بذلك التسيير المؤقت الذي ساد المرحلة السابقة، وبذلك عادت الأجهزة المقررة والمنفذة المنتخبة للتعاضدية إلى عملها بشكل طبيعي.
أما الهدف الثاني من خارطة الطريق فيتعلق بإعادة الاستقرار إلى إدارة التعاضدية من خلال تصفية الملفات الشائكة للمستخدمين وتحرير جسم الموارد البشرية من توترات عمودية وأفقية، مركزيا، جهويا وإقليميا، وحسب ذات التقرير فإن الفضل يعود إلى عمل جبار قامت به لجن المجلس الإداري للتعاضدية الأربع وهي: لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة، ولجنة الشؤون القانونية، ولجنة الشؤون الاجتماعية والطبية، ولجنة الإعلام والتواصل، وهكذا عملت التعاضدية على تصفية ما مجموعه 58 مستخدم ما بين مطرود بشكل تعسفي ومحكوم بإعادته إلى منصبه و متعاقد.
كما أفاد التقرير نفسه أنه تم حذف عدد من السلاليم وتمتيع المستخدمين بحقوقهم ولا سيما فيما يتعلق بالترقية، وتسوية الوضعية الإدارية والإدماج، وزيادة عدد المستخدمين عبر توظيف 292 مستخدما جديدا على مدار سنتي 2021و2022، كما باشر المجلس الإداري للتعاضدية بالموازاة مع ذلك عملية تعديل النظام الأساسي الموحد للمستخدمين، إضافة إلى إعادة الإنتشار وتوزيع المهام والمسؤوليات لدى المستخدمين على الصعيدين المركزي والترابي.
الهدف الثالث الذي عملت الهيئة المسيرة للتعاضدية على تحقيقه والمتمثل في استنهاض دورة العمل داخل الشبكة الإدارية والتقنية للتعاضدية مركزيا وجهويا وإقليميا والذي ربطه التقرير بما تم تحقيقه في الهدف الثاني المشار إليه سالفا، حققت فيه التعاضدية نجاحات معتبرة، حيث أعادت تنشيط دواليب إدارتها مع التقيد بالمهام والإلتزامات الموكولة للمستخدمين على اختلاف رتبهم ودرجاتهم، وحسب التقرير دائما، فقد تم تحسين بنيات الإستقبال سواء الإدارية منها أو الطبية ( مصحات وعيادات طب الأسنان) ومراكز الأطفال في وضعية إعاقة خاصة مركز “أمل الرباط” إضافة إلى المراكز الإدارية والإجتماعية التابعة للتعاضدية بمختلف جهات وأقاليم المملكة، خاصة وأن العديد منها طالها الإهمال منها ما لم يشتغل لمدة تفوق 15 سنة، كما تم إحداث أجهزة إدارية وتقنية خاصة لتفعيل الرقابة الداخلية والتدقيق والإفتحاص الداخليين للقطع مع الأساليب والتصرفات المشينة وخاصة في ما يتعلق بملفات المرض وملفات التقاعد والوفاة وكذا الخدمات الاجتماعية.
استرجاع ثقة المنخرطين
هذه الإجراءات وغيرها، كلها من أجل هدف استرجاع ثقة المنخرطين، بعد الإثار السلبية التي خلفتها المرحلة السابقة ما بين سنتي 2010 ,2019 وخاصة المشاكل المتمثلة في التأخر الحاصل في تسوية ملفات المنخرطين وتوقف العديد من المؤسسات التعاضدية عن العمل، وهو ما نتج عنه عدم رضى المنخرطين- يقول التقرير- و تراكم الشكايات والتظلمات والمراسلات على الإدارة المركزية، وهو ما شكل للهيئة أساس الهدف الرابع المتمثل في استرجاع الثقة لدى المنخرطين، حيث تم اتخاذ رزنامة من التدابير مكنت من تصفية الملفات التي شكلت ضررا بالحقوق المالية للمنخرطين وذلك بناء على أحكام ظهير 1963 دون المساس بنسب الإشتراك في صندوق التقاعد والوفاة، كما تم القيام بإصلاح وتعديل النظام الأساسي للصندوق التكميلي عند الوفاة، كما اتخذت الهيئة قرارا يقضي بإعادة الأموال المقتطعة بشكل غير سليم لألاف المنخرطين بتنسيق مع المؤسسات المشغلة.
وقد كان لهذه الإجراءات الأثر البالغ في استرجاع ثقة المنخرطين بالتعاضدية التحاق ما يناهز 39000 منخرط جديد خلال الولاية الإنتدابية ما بين 2021-2023.
شكل استخلاص الأموال المستحقة للتعاضدية تحديا كبيرا، وهو ما تجلى في اتخاذ الهيئة المسيرة المنتخبة عددا من التدابير والإجراءات مكنتها من استرجاع ما مجموعة 44.188.888.47 درهم خلال ثلاث سنوات، فيما تبقى نسبة أخرى لم يتم استرجاعها بعد والبالغة ما مجموعه 122.188.888.47 درهم حسب ما أفاد به تقرير التعاضدية العامة.
الإختيار الديمقراطي أساس العمل التعاضدي
إذا كان الإختيار الديمقراطي أساس العمل التعاضدي بالمغرب، بحث أنه وفقا لمقتضيات ظهير 1963 فإن جميع الهيئات والأجهزة المسيرة تنتخب بالإقتراع المباشر، فإن ما كان يؤرق مؤسسة الرئاسة ويحد من فعالية تدابيرها هو قصر مدة انتداب الرئيس في سنتين، وهو ما كان يتطلب تعديلا للنظام الأساسي للتعاضدية العامة، إلى جاء القرار الوزاري المشترك القاضي بتعديل هذا النظام وأصبح الرئيس ينتخب لولاية مدتها 6 سنوات والمجلس الإداري ينتخب نصفه كل ثلاث سنوات بدل سنتين، بما يتيح أنجاز برامج عمل ومتابعتها وتقييما خلال مدة معقولة، بعيدا عن المشاحنات الانتخابية، كما أدى إلى تقليص النفقات بمناسبة انعقاد الجموع العامة بما يسهم في نجاعة الآداء وتطوير العمل التعاضدي بالمغرب، و هو ما ساعد التعاضدية على إعداد المخطط الإستراتيجي للتعاضدية العامة 202162025 والشروع في تنزيله فور المصادقة عليه بمركز أمل بالرباط بتاريخ 21 مارس 2021، حيث يبقى التواصل الدائم والبناء مع المنخرط من أهم عناوينه الكبرى، ويهدف أيضا إلى تعميم خدمات القرب لتشمل 33 وكالة جديدة، وفتح 11 عيادة للفحوص الطبية وإصلاح وتأهيل عدد من المراكز وفتح 13 مركزا جديدا للنظارات وتشغيل دور الراحة وبناء دور جديدة تطرق إليها التقرير بتفصيل.
و على الصعيد الخارجي والقاري على الخصوص فقد بادرت التعاضدية العامة إلى الدعوة إلى تجديد هياكل الإتحاد الأفريقي للتعاضد الذي عقد جمعه العام يومي 12 و13 مارس 2022 بسلا وانتخب أجهزته التقريرية والتنفيذية والذي يوجد مقره الدائم بالرباط.كما أصبح المغرب في الجمعية الدولية للتعاضد ومنخرطا في الإتحاد العالمي للتعاضد.
و يخلص التقرير إلى أن المشاريع والإصلاحات الكبرى التي أقدمت عليها الهيئة المنتخبة للتعاضدية منذ استلامها دفة التسيير، كلفتها جزء كبير واستماتة من لدن جميع المتدخلين، وميزانية ضخمة وسط الحرص الحرض على ضمان التوازنات المالية للتعاضدية، ويندرج هذا الجهد والبرامج التي تم تنزيلها على أرض الواقع حسب التقرير إلى إعادة الإعتبار للتعاضدية و إشعاعها ولذلك فإن أجهزة التعاضدية ستنكب خلال النصف الثاني من ولايتها الإنتدابية إلى الإستثمار في ما تحقق لحد الآن والحفاظ على مسعاها الأساسي المتمثل في تحقيق وتثبيت العدالة الاجتماعية والمجالية وتسهيل ولوج المنخرطين للخدمات المسداة دون استثناء أو تمييز.