حاوره: حسن عين الحياة
يظل الكاتب المسرحي المسكيني الصغير، واحد من القامات المسرحية الكبيرة في المغرب، التي أغنت الخزانة المسرحية بالعديد من النصوص التي تتوفر على العناصر الكاملة للفرجة.. فهو كاتب وشاعر وروائي، ارتبط اسمه أساسا بمسرح الهواة، من منطلق تجربته في مشروعه الذي سماه “المسرح الثالث”، وحتى بالعملية الانتقالية التي أدخلت المسرح إلى عالم الاحتراف.
في هذا الحوار، يتحدث المسكيني الصغير لـ”المنعطف 24” عن تجربته المسرحية الممتدة لأزيد من 4 عقود، ويدلي بدلوه في كثير من الجوانب المتعلقة بالكتابة والسيناريو وعلاقة الكاتب بالمسرح والسينما والتلفزيون.. لنتابع.
ـ قبل الخوض في شؤون المسرح في المغرب، حبذا لو شخصت لنا واقع أبو الفنون اليوم..؟
++ إذا رجعنا تاريخ المسرح المغربي، والمراحل التي طبعته، فإننا نتفاءل خيرا. وذلك بالنظر إلى وجود قفزات وتجارب مسرحية متعددة. لكن ما يعرقل هذه التجارب، هو طبيعة التعامل بيننا وبين الدولة أو الأحرى المسؤولين على الشأن الثقافي في البلاد. فهؤلاء المسؤولين لم يستوعبوا بعد أهمية دور المسرح في بناء الإنسان المغربي. بدليل أن فئة واسعة من الجمهور أو المتلقي، مازالت للأسف، لم تستفد من التجارب المسرحية المغربية.. طبعا إذا استثنينا بعض أنماط المسرح.
ـ كيف ذلك؟
++ كما تعلم، فالمسرح مذاهب وأنماط، إذ هناك الساخر والكوميدي والتراجيدي وغيرهم كثير.. وهذه التجارب المسرحية المغربية اليوم، يبدو كما لو أنها تتعرض للتنميط. ومرد ذلك أن وسائل الاتصال الجماهيري، والمتمثلة في التلفزيون، تقدم نوعا معينا من المسرح، على حساب أنواع وتجارب أخرى مفعمة بالجماليات ومميزة بلغة درامية يفهمها المتلقي. والمتلقي هنا يجد نفسه محصورا ومُنمَّطا داخل نوع معين من المسرح.
ـ هل تقصد أن هناك إرادة ما، تحاول أن تقول من خلال الأعمال المسرحية التي تُقدم للجمهور المغربي على الشاشة، إن هذا هو المسرح الذي نريد؟
++ طبعا.. وهذا غريب جدا، إذ يتجاوز الأمر المادة المسرحية، إلى الكتابة والتشخيص والإخراج… في حين إن في المسرح لغات متعددة. وهذا ما يؤدي إلى تنميط الأشياء. وبالتالي لو كانت التجارب المسرحية الأخرى تُقدم عبر وسائل الاتصال الجماهيري، لحصلنا على مجموعة من المدارس المسرحية. ومع ذلك، يمكن القول إن هناك تجارب عصامية تفرض ذاتها في المشهد المسرحي المغربي. فأغلب الفرق المسرحية عندنا لا تتوفر على مقرات، أو استوديوهات إن صح التعبير، على غرار الفرق المسرحية في الخارج، والتي من خلالها (أي الاستوديوهات) تشتغل الفرق على تجاربها، وبالتالي ضمان استمراريتها. ولنأخذ تجربة المسرح الاحتفالي في المغرب كمثال.. فلو كان لهذه التجربة أستوديو لازدهرت كافة شُعَبها المتعلقة بالعملية الدرامية. الآن أتسف لكون لقاءاتنا لا تأتي إلا من خلال المهرجانات، أو إذا قُدمت بعض التجارب في التلفزيون.. ومع ذلك، نرى بأن هناك طموح على مستوى الكتابة والتشخيص والإخراج والسينوغرافيا… خاصة وأننا أصبحنا نتوفر على معهد (لزاداك) يتخرج منه ممثلون ومخرجون وسينوغرافيون… ولهذا أقول، إن هناك تجارب مسرحية متعددة في المغرب، وينبغي للناس مشاهدتها، وإذا تعذرت عملية المشاهدة، فلا وجود للمسرح.
ـ هناك التجارب المسرحية العصامية وأخرى خريجة المعاهد.. وهناك سؤال حول نوعية المسرح الذي يقدمه خريجو المعهد، بالنسبة لك، أين تجد نفسك بين هذه التجارب؟
++ يبقى الحكم دائما للجمهور. لكن حكم الجمهور تعتريه أحيانا مغالطات. وبالتالي فهي ليس مقياسا للقول إن هذا العمل رائع. فالعملية تحكمها ربما بعض الميولات الشخصية، وربما بعض الاستيهامات التي يسقط فيها الجمهور، تماشيا مع المقولة السائدة في الخارج “الجمهور عايز كِدا”، أي أن الجمهور يريد أن يضحك فقط، وهذا يقلل من أهمية التجربة المسرحية. وكما أشرت سابقا، ففي المسرح لغات درامية متعددة، قد يقبلها نوع من الجمهور وقد يرفضها نوع آخر. لكن هل ما يقدمه هؤلاء الخريجون الذين أصبحوا يحترفون المسرح نال رضا الجمهور، أقول إنه وإلى غاية الآن مايزال تأثيرهم محدودا. لأن الحكم الجماهيري على تجارب هؤلاء لا يقتصر على جمهور الدارالبيضاء أو الرباط أو مراكش، مادام الأمر لم يمس بعد الكتلة الكبيرة للإنسان المغربي خارج المدن الكبرى، خاصة وأن المدن ملوثة بالتيارات و”البهرجات” وغيرها من العوامل المعرقلة. وبالتالي، فالمسرح ينبغي أن يمس المغاربة في جميع المدن والقرى والمداشر، وأرى بأنه لم يؤدي بعد رسالته بحكم انعدام وسائل الاتصال الجماهري.
ـ بماذا تقيس نجاح العمل المسرحي في المغرب؟
++ ينبغي للعمل المسرحي أن ينتمي في مضمونه إلى الإنسان المغربي، سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا وحتى نفسيا… وبالتالي ينبغي أن يمس كل هذه الجوانب.. فالإنسان ابن بيئته كما يقال، والإنسان المغربي كما هو معروف يعيش مجموعة من القضايا، وأنت عندما تقدم مسرحا لا ينتمي إلى المجتمع وإلى مشاكله السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية، فأنت تغرد خارج السرب. ولهذا، جوابا عن سؤالك، فالمفروض أن ينتمي المسرح إلى الإنسان المغربي في أبعاده الثلاث، الماضي والحاضر والمستقبل، وأن يتجلى ذلك في وجود معالجة للقضايا المشار إليها آنفا، سواء على مستوى النص أو العملية المسرحية برمتها.. عدا ذلك، سنكون خارج المسرح.
ـ على ذكر النص، يقول كثيرون إن المغاربة مبدعون على مستوى الشاشة، تلفزيونيا وسينمائيا، لكن تواضع بعض الأعمال راجع بالأساس إلى وجود أزمة نص، أو أزمة كتابة السيناريو، هل تتفق مع هذا القول؟
++ أعتقد أن الأمر يتعلق هنا بدعاية مشوهة.. النصوص موجودة. ومن سوء حظنا في المغرب أننا لا نتعامل فنيا مع بعضنا البعض.. أقصد العلاقة بين الكاتب والمخرج أو مع المنتج. والأكثر من ذلك، أن نكون ملتحمين، ونكَوِّن بعضا في مجال الكتابة حتى ترقى إلى مستوى التلفزيون والسينما. فلو تحقق هذا التعامل، لن تكون هناك أزمة نص ولحصلنا على كتاب جيدين للسيناريو. مثلا في مصر، عندما أراد نجيب محفوظ أن يتعامل مع التلفزيون والسينما، لم يكن يعرف كتابة السيناريو، لكن لما التقى مع المخرج وتعاونا، استطاع أن يكتب السيناريو، وهذا ما يخصنا في المغرب.. فأنا مثلا، لو تعامل معي مخرج ما، لفهمت لغة السينما وتعلمت أبجدياتها. إذ بالرغم من كوني أكتب للمسرح، سأتعلم كتابة أخرى، وممكن أن أترجم فيها رواياتي ومسرحياتي وحتى روايات الآخرين. فالروايات موجودة عندنا بغزارة، لكن أين هو السيناريست الذي بإمكانه أن يترجمها إلى أفلام؟ إذن يجب أن يتعلم الكاتب من المخرج، وألا يظل المخرج في برج وكاتب الرواية أو المسرحية في برج آخر، إذ الانسجام بينهما هو الذي من شأنه أن يفرز لنا عددا من السيناريوهات.
ـ يُفهم من قولك السي المسكيني أنك قادر على كتابة السيناريو شرط أن يتعامل معك المخرج أو المنتج؟
++ طبعا.. وأن يكون بيننا لقاء حميمي وتفاعلي وعملي. بدليل أنك تجد في عدد من الأعمال المغربية، شخص ما هو الكاتب والمخرج والسيناريست ومهندس الإنارة والديكور، في حين ينبغي تقسيم المهام، حتى تكون العملية الإبداعية صحيحة.. وبالتالي، يجب أن تكون هناك مجموعة تستفيد بأكملها، أي أن تتعلم كتابة السيناريو والإخراج والإنارة وصناعة الديكور، وهذه الأشياء موجود في الصناعة السينمائية الأمريكية.. فكم من ممثل مشهور تعلم وأصبح مخرجا كبيرا بعدما استثمر تجاربه.. إذن فنحن أيضا لنا تجارب، ويجب استثمارها، فضلا عن التعامل فيما بيننا، حتى نخلق مسرحا وأفلاما تلفزيونية وسينمائية في مستوى تطلعات الجمهور.
ـ لنعد قليلا إلى الوراء، ولنتوقف عند مسرح الهواة الذي انبثقت منه تجربة “المسرح الثالث” التي قدتها كتيار مسرحي ضمن تيارات أخرى لها روادها وأتباعها ومريديها؟
++ مرحلة مسرح الهواة كانت متميزة على جميع الأصعدة. وتمنيت لو استمرت إلى عصرنا الحالي، بالنظر إلى أن نتائجها ماتزال مستمرة في الساحة المسرحية المغربية الآن. إذ أن كل الأسماء التي تمارس المسرح حاليا، والتي هي متميزة نوعا ما، تظل نِتاجا خالصا لمسرح الهواة، بغض النظر عن خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي. عموما، إن تجربة مسرح الهواة انتهت، أو أُقبرت إن صح التعبير. فلما اشتد عود المسرح الهاوي، وأصبح له فكر وإيديولوجيا مرتبطة بالإنسان المغربي، نظر الآخرون إلى كونه قد يشكل وعيا مناقضا لأشياء تُمارس في البلاد، وبالتالي تم وأده. وهنا لا ينبغي أن لا ننسى أننا وصلنا إلى تنظيم 35 مهرجانا في المغرب في السنة، فضلا عن تنظيم تداريب سنوية للهواة، وأيضا تنظيم لقاءات وندوات فكرية.. ولعل هذه الفورة هي ما دفعت ببعض الإخوان إلى طرح عديد الأسئلة، من منطلق تجربتهم وتصورهم ونظرتهم للمسرح. وهنا برزت “الاحتفالية” و”المسرح الثالث” و”مسرح التجربة” و”مسرح المرحلة” و”مسرح النقد والشهادة” وغيرها من التجارب التي استقت مشاريعها من الممارسة داخل مسرح الهواة.
ـ لنتحدث عن تجربتك في “المسرح الثالث”، على أي أساس بنيت هذا المشروع؟
++ أسمي تجربة “المسرح الثالث” بمشروع الفني تأسس بناءً على المعايشة والدراسة الميدانية. فقد كنت محظوظا بأن شاركت في لجان مسرح الهواة، وشاهدت العديد من المسرحيات. وبالتالي تبيَّن لي، انطلاقا من الدراسة الميدانية التي سبق ونشرتها في مجلة “المدينة”، أن هذه الممارسة (المسرح الثالث) من الممكن أن تكون متميزة كمشروع فني، يختلف عن المشاريع الأخرى، انطلاقا من مرتكزات معينة. وهذه المرتكزات ينبغي أن تحضر في النص أو في تقنية الكتابة المسرحية. وهذه العملية، أثبتتُ فاعليتها من خلال عدد من النصوص وأيضا حتى على مستوى الإخراج، وأثبتت أيضا أن هذا المشروع الفني له أبعاد وله خلفية مبنية على الدارسة السابقة وعلى النصوص المدروسة لأكثر من مائة نص لمسرح الهواة. إذن من هنا، جاء مشروع “المسرح الثالث” الذي هو مبني على الزمان والمكان والحدث.
ـ لو سألك متلقي عادي عن ماهية “المسرح الثالث” بماذا تعرفه؟
++ لابد أن يكون المتلقي الذي يريد أن يفهم “المسرح الثالث” متلقيا له علاقة بالتجربة المسرحية العامة، وليس الخاصة فقط. فأنت تحدثُ متلقي متخصص، له معرفة دقيقة بالعلمية المسرحية. وبالتالي، مثل كل الأشياء في المسرح التي يمكن أن تشرح، لا تشرح للعامة، وإنما للمهتم الذي يهمه الأمر. فإذا كان يريد أن يكتب نصا مسرحيا، فيجب أن يكتبه بناء على هذه العملية، أي ضرورة وجود حدث وزمان ومكان. ولهذا فالمتلقي أو المتفرج العادي لا علقة له بهذه التقنية. لأنه لن يستخدمها. عموما، ينبغي توفر الحدث الدرامي والزمان والمكان، وهذه العناصر الثلاثة هي الأساسية في بناء النص المسرحي.
ـ بمعنى أن أي نص مسرحي يتوفر على هذه العناصر الثلاثة يدخل في إطار المسرح الثالث؟
++ طبعا، لكن شريطة أن يكون للنص خلفية إيديولوجية في التعامل مع فكرة الحدث. مثلا عندما نتناول عنتر بن شداد كحدث درامي، ونضعه في مكان معين، إذن فعنتر زمان ليس هو عنتر الموجود الآن في المكان الذي وضعناه فيه. فهذا الأخير قد يشكل عددا من الحالات.. فإما أن يصبح عاملا أو كادحا… إذن فأنت ككاتب تحرك هذا الحدث في مكان آخر وزمان آخر، ومن ثمة ينبغي أن يتفاعل عنتر ويعالج مشاكله، كمشاكل العمال أو مشاكل الكادحين. وهنا يصبح عنتر آخر غير ذاك الذي يتصوره الإنسان كشخصية في الجاهلية تتأبط سيفا وتقطف الرقاب. أي إننا أمام عنتر مناضل، يتفاعل مع مشاكل عصره، ويتمرد على العنصرية وعلى الباطرونا. وهذا لن يتأتى إلا بناء على تقنية معينة في الكتابة، وأيضا على خلفية إيديولوجية للكاتب.
ـ في إطار المسرح الثالث ما هي التجربة التي كانت أقرب إليك ضمن تجارب زملاء مسرحيين آخرين؟
++ تجربة الأخ عبد القادر اعبابو، التي أتت أكلها من خلال الانسجام وتطوير تجربة المسرح الثالث. بحيث استطاع أن يتعامل مع مرتكز آخر، وهو ما يسمى بالإخراج الجدلي. والذي هو مبني على الفكرة والفكرة المضادة، ونفي النفي، من منطلق جانب إيديولوجي في المذهب الاشتراكي.
ـ بعيدا عن المسرح الثالث، هل أنت راضٍ على ما تشاهده في التلفزيون من أعمال درامية؟
+ للأسف، فالأعمال الدرامية المعروضة على التلفزيون بعيدة عن الإنسان المغربي، إذ أن أغلبها منقول ومتأثر بالمسلسلات الأجنبية، وتنعدم فيها الروح الشعبية والتراثية المميزة بـ”تمغربيت”. فهذه النسمة أو النكهة غير موجودة. وكل ما في الأمر، أن هناك أناس شاهدوا مسلسلات تركية جميلة، فيها قصور، وقاموا ببعض الإسقاطات.. وكما تلاحظ، أصبحت القصور تظهر كثيرا في أعمالنا، لكن هل الإنسان القاطن في الجبل والأطلس والشاوية وغيرها يعيش في القصور. إذن لماذا التقليد. لقد أثرت هذه الأشياء سابقا على التجربة المصرية، وأحدث فيها نوعا من الفصام. فباستثناء فيلم “الأرض” ليوسف شاهين، تم “تمصير” المسلسلات الأمريكية والبريطانية، وتركوا الإنسان المصري يعيش حياة أخرى في الجنوب، مما انعكس عليه سلبيا. علما أنه لو كانت التجربة مستنبطة من الإنسان المصري لبلغوا مستوى كبيرا من التقدم. أي من المحلي إلى العالمي، ولي العكس. ونحن لا ينبغي أن نسقط في مثل هذه الأشياء، وإذا ما أردنا معالجة واقعنا دراميا فينبغي معالجته كما هو. وبالمناسبة، ففي السنوات الأخيرة، وحتى السنة الحالية على وجه الخصوص، أغلب الذين تعاملوا في المسرح تناولوا موضوع المرأة من زوايا ضيقة، وكأن لا موضوع غيرها.. تصور أن هناك من يعالج في 2023 موضوع بنت يريدون تزويجها بالطريقة التقليدية، أو موضوع بنت “سادين عليها”.. وبالتالي أقول إن أفكار “الحراز” انتهت. فرغم وجود بعض مظاهر التخلف، تجاوزنا والحمد لله هذه المشاكل في حياتنا الواقعية. بمعنى آخر، كفى من الركوب على المرأة. أليست قادرة على أن تكون مناضلة أو سياسية أو زعيمة وغيرها من الوظائف السامية. ولهذا عندما يقرأ الإخوان العرب على وجه الخصوص نصوصنا، أي النصوص المسرحية للكتاب المغاربة، يفهمون أن ما نكتبه شيء وما يتم تقديمه في التلفزيون شيء آخر. وهذا يعيد لنا الاعتبار. وقد لمست ذلك مرارا خارج المغرب، إذ يقولون إن المسرح المغربي وصل في طرحه إلى أشياء مهمة جدا، بخلاف ما يُقدم للإنسان المغربي عبر الشاشة.
ـ كيف ترى تجربة “المسرح يتحرك”؟
++ بدأت تجربة نقل المسرح إلى التلفزيون سابقا ثم توقفت.. ومع ذلك أرى بأن هذه التجربة ستؤثر إيجابيا على المدى البعيد. ومادام التلفزيون مسيطر على البيوت، يجب أن يقدم تجارب مسرحية متعددة حتى تعم الاستفادة. أي ألا يتم تقديم “سلعة” واحدة للمتلقي، أو أن يُفتح له بابا واحدا. ولهذا أرى بأن تجربة “المسرح يتحرك” يجب أن تستمر، بجميع أخطائها، لاعتبار أساسي، وهو أننا سنحصل على الأقل على أرشيف مسرحي، ستستفيد منه الأجيال القادمة. وكما تلاحظ، المصريون يستغلون اليوم أرشيفهم المسرحي الممتد لأزيد من 40 سنة. ونحن مثلا في تجربة مسرح الهواة، كانت المهرجانات التي تفوق الثلاثين تعرض على الأقل 10 مسرحيات، أين هي الآن، إذ لو تم تصويرها أو توثيقها لاستفدنا منها حاليا، خاصة وأنها خلاصة لعدة تجارب مسرحية غاية في الروعة.