عبد العزيز بنعبو
هل تستحق أغنية مغربية شعبية أن تقام لها الدنيا و لا تقعد؟ هل تستحق مغنية مغربية شعبية أن تقوم ضدها كل الأقلام و الألسن و الإتهامات فقط لأنها غنت بما يعتمل في يومياتنا ؟ أظن الأمر يتجاوز لحظة خجل أو عيب أو حشومة إلى حسابات أخرى غير مرئية و غير معروفة، فأن تتهم بالسرقة فهذا شيء، و أن تتهم بالسوقية هذا شيء آخر، لكن أن ينوي أحدهم رفع دعوى قضائية ضد المطربة زينة الداودية، فهذا من قبيل السابقة الخطيرة التي يجب التأشير عليها بالخط الاحمر و الأزرق و البني و كل الألوان الممكنة. فالرقابة التي تريد أن تركب الأخلاق هكذا في صحوة غريبة، ستسري فينا مسرى النار في الهشيم. و لا أظن أغنية “أعطيني صاكي باغا نماكي” أكثر جرأة من أغاني عديدة تعج بها أسواقنا سواءا مغربية أو عربية أو أجنبية. بل منها ما يبث صباح مساء في إذاعاتنا المتعددة. لكن هذا ليس مبررا لنقول ما نريد، غير أنه عندما تكون الأغنية ترجمة ليوماتنا بتفاصيلها الدقيقة الكبيرة و الصغيرة، و نعيش معها و لا تشكل أي عبئ فوق “ضميرنا” الجماعي الذي لا يحتاج إلى رقابة قبلية أو بعدية، فهذا من قبيل الرغبة في فعل شيء لا أقل و لا أكثر.. هناك ما هو ثابث لدى المغاربة، حب الحياة و حب اللحظة المتواصلة مع الآخر و بالآخر. المغاربة شعب يحب أن يحب و أن يحب “بضم الياء”. فلا مجال للمزايدة على ما يعتبره المغاربة عاديا جدا. الحقيقة أنني تابعت أطوار قضية أغنية زينة الداودية منذ البداية، و لم أكتب حرفا عن الموضوع بل لم أنشر أيا من الأخبار التي إنهالت علينا يوميا. لا لشيء إلا لقناعتي بأن الأغنية إما أن تعجبك أو لا، و لا مجال للدخول في عتمة التشهير و الإتهام و التحقير. لكنني حالما سمعت خبر الدعوى القضائية التي ينوي برلماني رفعها ضد المطربة الداودية. حصل لدي ما يشبه الزلزال، رج تلك المسارات الفنية الحبلى بالعطاء كيفما كان، فهناك من يحب هذا ويرفض ذاك، لكن ليس لأحد الحق في أن يمارس الوصاية على أحد و يمنع عنه خوض التجربة بنفسه. هذا الخبر ذكرني بأخبار كانت فيها الدعاوى القضائية مثل الجراد في حقل الفن و أقصد معاناة الفنانين المصريين بشكل كبير. فهل نحن مقبلون على مثل هذه اللحظة… أتمنى أن يكون الجواب لا..