عبدالنبي مصلوحي
لام عبدالعزيز الرباح أول أمس الثلاثاء وسائل الإعلام لعدم مواكبتها لما تقوم به وزارته من مجهودات في مجال البنيات التحتية في ربوع المملكة، وطالب في سياق حديثه عن مخلفات الفيضانات التي عرفتها المناطق الجنوبية مع بداية فصل الشتاء الحالي بالتحري قبل نشر الأخبار، قبل أن ينتقل الى التأكيد على عدم مسؤولية مصالح وزارته عن هشاشة القناطر والبنيات التحتية التي ما أن زارتها أولى الفيضات من فيضانات الجنوب حتى هوت وأصبحت في خبر كان..و أعاب أيضا على وسائل الإعلام إدراجها لأخبار الجرائم والاغتصاب على صفحاتها الأولى، فيما الأخبار التي تتعلق بالإنجازات الكبرى فتوضع بالصفحات الداخلية.
رسالة السيد الوزير، مفهومة، تقول بوضوح أن وسائل الإعلام، لتكون جيدة وفي مستوى الرسالة الإعلامية المنوطة بها، فيجب أن تواكب أنشطة السادة الوزراء وما يقومون به من إنجازات ميدانية و ما يعقدونه من اتفاقيات، حيث عوض السفر مثلا الى “تونفيت” أو “بومية” أو “أنفكو” أو غيرها في مثل هذا الفصل لمعاينة الناس الذين يموتون بالثلج والبرد القارس، ونقل أخبار البؤس والجوع بسبب قلة ذات اليد و الحصار المضروب على آلاف الكيلومترات المربعة، وعزلها عن العالم الخارجي، بما في ذلك الأسواق والمدن الكبرى، حيث يمكن تبضع الغذاء والملبس ووسائل التدفئة.. عوض التقاط أنات هؤلاء وأولائك في مناطق وظروف أخرى، يجب الكتابة عن المشاريع الجديدة كالتي جي في مثلا، الذي لن يركب فيه الفقراء، أو الطائرة الجديدة التي كانت لارام أول شركة طيران في افريقيا تقتنيها…أو الاطناب في امتداح ما تقوم به طائرات الهيلوكبتر هذه الأيام من نقل لبعض مرضى المغرب العميق الذين عزلتهم الثلوج عن الدنيا الى المستشفيات للتداوي، فيما الباقي، وهم كُثْرٌ، فيعلم الله عبر أية وسيلة يصلون أو لا يصلون الى المستشفيات أو حتى المقابر….
كلام كثير وأمثلة أكثر، ساقها السيد الوزير وهو يعطي ما يشبه درسا في توجيه الصحافة التي حضرت لتغطية ملتقى وكالة المغرب العربي الذي استضافه، ولكن ما غاب عن معاليه، هو أن هذا الوعظ و الإرشاد لا يهم كل الصحافة التي كانت حاضرة، ربما يهم الإعلام الذي تمتلكه الدولة، حيث من واجب السيد الوزير أن يطالب بمواكبته لما يقوم به هو وغيره من الوزراء والرسميين من إنجازات، أما وسائل الإعلام الأخرى، فهي حرة، أو مستقلة، حتى وإن كان بعضها حزبيا، فهو لا يتبع لإعلام الدولة أو الحكومة.
وهذا الاعلام الذي أدرجه الوزير عبد العزيز الرباح في خندق واحد مع إعلام الحكومة، مهمته بالأساس هي “الكتابة عن القطارات التي لا تدخل في الوقت”، أما القطارات التي تدخل في وقتها الى المحطة، فإن داعي الكتابة عنها غير موجود، لأنها احترمت وقتها، ولا تستحق عليه غير الثناء والمدح الذي هو ليس من اختصاص الصحافة التي لا تتبع للحكومة.
يبدو أن السيد الوزير المحترم، يريد إعلاما، عوض أن يكتب عن القطارات التي لا تدخل في الوقت، يصبح خادما للرؤى السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تصوغها الحكومة، والتطبيل لمواقفها، حتى وإن لم تكن بوحي من المصالح المعيشية للشعب….اسمح لي سيدي الوزير، ليس كل الإعلام يجب أن يكون كما ترى، وإلا أصبح جوقة من شعراء المدح.