حوار : المنعطف الفني
تصوير : العربي الرطل
يعتبر الممثل المسرحي والسينمائي طارق الرميلي من بين الوجوه الفنية المغربية التي استطاعت أن توقع على مجموعة من الأعمال السينمائية والمسرحية ،ولم يكن نجاح طارق وليدة الصدفة وإنما جاء من خلال إرادته القوية لاستقطاع مراحل متتالية سواء في المسرح أو السينما المغربية وكذا العالمية، مستفيدا من العديد من الو رشات التي أشرف عليها مخرجين عالميين على هامش الأفلام التي أنجزوها في المغرب،إضافة إلى إتقانه لكل من اللغة العربية والفرنسية والانجليزية ما مكنه من أن يتبوأ مصاف الممثلين المتميزين. وفيما يلي نص الحوار:
* في أي سياق تأتي انشغالاتك في المجال المسرحي؟
***علاقاتي بالمسرح جاءت في بداية الأمر من باب الاطلاع والاهتمام بهذا الفن التربوي والثقافي،إنه المدرسة التي تختلف عن المدرسة التي عهدتها في زمن الطفولة ومرحلة الرشد،مدرسة تربوية بمعناها الشمولي تعلم من يجلها فنا له قواعده الفنية،فن يجمع بين الكلمة والحركة الجسدية،لينوبا كل واحد منهما عن الآخر من أجل التعبير عن رسالة اجتماعية مستنبطة من الواقع المعيش. رسالة مقدسة يحملها الفنان للجمهور،بل رسالة في طياتها مجموعة من الدلالات الثقافية والفكرية والمعرفية.ففي المرحلة التي كنت فيها هاويا وجدت نفسي أمام أساتذة مبرزين في الميدان، كما هو الشأن مع الأستاذ عبد المجيد فنيش وغيره من الأساتذة الذين أرسوا قواعد المسرح المغربي،وربوا أجيالا من الممثلين الذين لهم اليوم حضور قوي سواء في المسرح أو السينما المغربية والأجنبية. وإجمالا فعلاقتي بالمسرح هي علاقة فهم واستقراء وتعبير،فلولا المسرح لما كان طارق الرميلي على ما هوعليه اليوم. إنه أب الفنون بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بل إنه المدرسة التي أثثت للعمل السينمائي،والمسلسلات التلفزيونية ليس إلا.
*ما تقييمك للحركة المسرحية في المغرب؟
*** من الصعوبة وضع تقييم شامل لقضايا المسرح المغربي في عجالة،فالأمر يستدعي الوقوف على العديد من النقط التي يمكن تلمسها في هذا القطاع.صحيح أننا اليوم نتوفر على معهد يتخرج منه سنويا العديد من الطلبة وفي تخصصات متعددة مع بعض الاستثناءات.لكن السؤال الذي نواجهه اليوم وربما في العشر السنوات الماضية ماذا بعد الحصول على ذلك الديبلوم؟وما القطاع الذي يفسح المجال لهؤلاء الطلاب؟فرغم المجهودات التي تقوم بها الوزارة الوصية،فالأكيد أن المسرح المغربي يعيش أزمة متداخلة العناصر،ومن أبرزها قلة القاعات،وضعف النصوص المسرحية وخاصة وأننا إلى يومنا هذا نفتقر إلى شعبة التأليف المسرحي.كما أن العودة إلى المسرح الغربي أو ما نسميه بالاقتباس زاد الطينة بلة.فالجمهور المغربي أولا يحمل ثقافة خاصة،بل هو ميال إلى قضاياه الاجتماعية وكل ما يطرح في واقعه.ومن تم يمكنني القول أنه لاسبيل لنا للخروج من هذا الوضع إلا من خلال وضع استراتيجية عميقة الأبعاد لهذا المجال .استراتيجية يكون في مقدمتها ما نسميه بمسرح الطفل،فهو القاعدة،وهو الطريق الصحيح لربط المسرح بالجمهور،إنه عمل أصبح ملحا أكثر من أي وقت مضى.وهذا المطلب لن يتحقق إلا من خلال إعادة النظر في المسرح المغربي شكلا ومضمونا،بدل أن نبقى مكتوفين الأيدي في انتظار الذي يأتي والذي لا يأتي. إننا كشعب مغربي لنا ثقافة متنوعة المكونات،ولنا حضارة ضاربة في التراث الإنساني،وما ينقصنا في اعتقادي الشخصي هو الإرادة ونكران الذات.
* من المسرح إلى السينما كيف حدث هذا؟
*** الانتقال من المسرح إلى السينما ليس بالخطوة السهلة،فالمسرح له خصوصيته،ولسينما خصوصيتها كذلك، لكن فضل المسرح لا يمكن تجاهله في المجال الثاني،ففن الحوار والتعبير الجسدي من الممكن استغلاله في المجال السينمائي شريطة ما إن رغب المخرج في ذلك. وبالنسبة لشخصي المتواضع كان حلمي هو أن أنتقل من المسرح إلى السينما،ذلك الفضاء المغري لكل ممثل مغربي.وهذا ما تحقق في بداية الأمر في إحدى أفلام المخرجة نجية دبيبغة،لكن هذا الفيلم للأسف الشديد لم يكتب له الخروج للوجود لأسباب لا داعي لذكرها اليوم. بيد أن مشاركتي في فيلم”كازانيكرا”كان بالنسبة لي أول احتكاك مع الكاميرا،وهي تجربة بالغة الأهمية،حيث ساعدتني على اكتشاف عالم جديد. بل تجربة مكنتني من بناء علاقة جديدة مع السينما المغربية والعالمية،كما أن حضوري في العديد من الورشات السينمائية ساعدني كثيرا في التعرف عن قرب عن الثقافة السينمائية بمعناها العام سواء تعلق الأمر بالجانب الأدبي أو الفني والتقني، كما أن وقتي الثالث كنت أقضيه في الرفع من ملكتي اللغوية سواء اللغة العربية والفرنسية والانجليزية،فاللغات الأجنبية تبقى ضرورية للممثل المغربي.
تجارب أخرى كنت سعيدا بها،لكوني أدركت عالما جديدا كما هو الحال مع”ساعة في الجحيم”وهو فن سينمائي له مجموعة من الخصوصيات الفنية.ثم كانت لي تجارب في حقل السينما العالمية كماهو الحال مع الأفلام ” the mission in islamabad” و “the real midnight express” الوثائقية
كما أنني تشرفت بالعمل مع المخرج الكبير “دفيد يتّ” في مسلسل” tyrant”
،كممثل ومجازف.وعلى الصعيد العربي والمغربي شاركت في فيلم”عمر الفاروق”،وعلى الصعيد الوطني شاركت أيضا في فيلم للمخرج حسن الدحاني، والمسلسل المغربي “دار الضمانة” الذي من المنتظر أن يرى النور قريبا،ثم هناك حضور لي في فيلم قصير موضوعه مناهضة العنف ضد المرأة.
مسار آخر كان في تجربتي السينمائية يتمثل في الدبلجة،وهي محطة مهمة ولها تكوين خاص،حيث تعلمت بشكل معمق أساليب الأداء الصوتي،واطلعت على فن وإلى ذلك فالسينما المغربية هي أيضا في تطور مستمر،وعلينا كممثلين أن نعي هذا التحول،لنعمل على تعميق مفاهيمنا،والتدقيق في المنظومة السينمائية،وهذا كله متوقف على التكوين والتمكن من اللغات الأجنبية التي هي اليوم الممر السليم في اتجاه السينما العالمية التي تجد في المغرب محطة للانتاج.
الإلقاء والتنفس الذين يبقيان من بين الأشياء المهمة في تكوين الممثل. لكن رغم هذا الحضور فإنني أعتبر نفسي مبتدئا خاصة وأن الحقل السينمائي في تطور مستمر.