أمال المنصوري
على إثر التأخير الذي طال ورش إصلاح العدالة الجنائية للنساء، وما يقتضيه ذلك من إصدار قوانين ومراجعات أخرى ، بما يضمن حماية النساء من العنف وحظر التمييز ضدهن، يعود النقاش من جديد إلى الساحة لتدارس مشروع القانون 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي لم يخرج إلى حيز الوجود بعد .
ويعتبر تحالف “ربيع الكرامة”، أن نجاح المغرب في تفعيل مقتضيات الدستور، روحا وفلسفة ونصا، سيكون مؤشرا قويا على ترجمة الإرادة السياسية فيما يخص بناء دولة القانون وتمتع جميع المواطنات والمواطنين بالحق في المواطنة الكاملة والكرامة الإنسانية استنادا إلى مبدأ المساواة، وضمان الحق في الأمنين القانوني والقضائي، وهو ما يقتضي إصلاحات عميقة تشمل التشريع لينسجم مع الدستور ومع التزامات المغرب الدولية، بقدر ما تشمل أيضا جميع مكونات المنظومة المطبقة للترسانة القانونية بهدف عدالة لا تستثني النساء بل تشمل الجميع دون تمييز.
إذ أصبحت منظومة العدالة بالمغرب، بمكوناتها التشريعية والمؤسساتية، محل انتقادات عميقة وطنيا ودوليا لعجزها عن تحقيق العدالة داخل مجتمع ينشد الحداثة والديمقراطية وينص دستوره على المساواة بين الجنسين وعلى تكافؤ الفرص.
وبالرغم من الخطوات الإيجابية التي خطاها المغرب من أجل التقدم في مجال احترام حقوق الإنسان، فإن وضعية النساء والفتيات مازالت تشهد ارتفاع نسبة الأمية والفقر، وانتشار الحيف الذي يطال حقهن في التعليم والشغل وتكافؤ الفرص، ويعرف واقعهن الاجتماعي والاقتصادي المتدهور، في حين يتميز وضعهن القانوني بالهشاشة، وهو ما يفسر انتشار ظاهرة العنف ضدهن بمختلف أنواعه وأشكاله.
إن ارتفاع نسبة زواج القاصرات، وطرد النساء والأطفال من بيت الزوجية، وحرمان المرأة من نصيبها في ممتلكات الأسرة، وغياب الحماية من العنف النفسي والجسدي والجنسي والاقتصادي في المجالين الخاص والعام، وتطبيق القانون بمرجعية ثقافية معادية لحقوق النساء ، لا يمكن إلا أن يكون تعبيرا عن تردي واقع حقوق النساء بما يعاكس إرادة دستور2011 والتزامات المغرب الدولية في مجال الحقوق الإنسانية للنساء.
يلزم اليوم مصالحة القانون وآليات تطبيقه في إطار دستور أقر المساواة وناهض التمييز ونص على مبدأ تكافؤ الفرص مع النساء . وتحقيقا لهذا التحدي، يتعين أن يأخذ الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة بعين الاعتبار تصور النساء للإصلاح وحاجتهن الضرورية والمستعجلة لعدالة لا تقصيهن. من خلال سياسة جنائية للنساء ضمن السياسة الجنائية عامة تنسجم مع الدستور وتتلاءم مع التزامات المغرب الدولية بما يضمن للنساء الحق في عدالة جنائية، بتغيير جدري وشامل للقانون الجنائي، من حيث فلسفته وبنيتة ومقتضياته، من أجل حماية النساء من العنف ومناهضة التمييز ضدهن ، وإصدار قانون خاص بمناهضة العنف الزوجي و إصدار قانون شامل لحماية النساء من العنف الذي يستهدفهن بسبب جنسهن . وتغيير جذري وشامل لقانون المسطرة الجنائية لتحقيق الوقاية والحماية للنساء من العنف والتمييز.
مطالب الجمعيات النسائية، تنص أيضاعلى ضمان مسؤولية النيابة العامة في البحث عن وسائل إثبات ارتكاب جرائم العنف وقابلية قرارها بالحفظ للطعن، ومأسسة خلايا العنف ضد النساء على مستوى النيابة العامة والشرطة القضائية.