26, ديسمبر 2024

بقلم: سناء بيهاص

 

تخضع الاتفاقيات المبرمة بين شركة عامة محدودة ومديريها و / أو شركائها الذين يمتلكون أكثر من 5٪ من رأس المال، لأحكام المادة 56 وما يليها من القانون 17ـ95 المتعلق بالشركات العامة المحدودة بصيغته المعدلة والمكملة ويشار إلى الاتفاقيات المذكورة أعلاه ب «الاتفاقيات المنظمة”.

وفقا لأحكام المادة 56 من القانون 17ـ95 المتعلق بالشركات العامة المحدودة، يجب أن يوافق مجلس الإدارة على الاتفاقيات المنظمة قبل إبرامها ويجب أن يصادق عليها الاجتماع العام للشركة. غير أنه بموجب المادة 57 من القانون 17.95 فإن المعاملات الجارية المبرمة في ظل ظروف عادية لا تستدعي أي ترخيص سابق أو موافقة.

في ظل هذا النظام المزدوج،تثارمفاهيم مختلفة بخصوص تحديد الاتفاقات التي لا تخضع للمادة 56

بالإضافة إلى هذا، فإن مقتضيات المادة 111 من القانون 17ـ95 المتعلقة بالنصاب القانوني لا تتناسب بوضوح مع أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 58 من نفس القانون، مما قد يؤدي إلى سوء تطبيق تلك المقتضيات.

أولا، النظام القانوني للاتفاقيات المنظمة:

تحدد مقتضيات المادة 56 من القانون 17ـ95 الاتفاقيات المنظمة كالآتي:

كل اتفاقية بين شركة عامة محدودة وأحد متصرفيها أو المدير العام أو نائب المدير العام أو أحد المساهمين بشكل مباشر أو غير مباشر الذي يمتلك أكثر من 5٪ من رأس المال أو حقوق التصويت

كل اتفاقية بين شركة عامة محدودة وطرف ثالث إذا كان أحد متصرفيها أو المدير العام أو نائب المدير أو الشريك الذي يمتلك بشكل مباشر أو غير مباشر أكثر من 5٪ من رأس المال أو حقوق التصويت مهتما بشكل غير مباشر بالاتفاقية المذكورة أو إذا كان الطرف المتعاقد الأجنبي وسيطا فيما بين الأطراف (كما هو الحال على سبيل المثال بالنسبة لاتفاقية التأمين إذا كان أحد المستثمرين للشركة وسيط تأمين لدى شركة التأمين).

كل اتفاقية بين شركة عامة محدودة وشركة أخرى (بغض النظر عن شكلها المؤسسي) إذا كان أحد أعضاء مجلس الإدارة أو المدير العام أو نائب المدير العام للشركة العامة المحدودة هو المالك أو الشريك ذو المسؤولية غير المحدودة أو المدير العام أو عضو مجلس الإدارة أو عضو مجلس الإشراف لتلك الشركة الأخرى.

وفقا لأحكام المادة 57 من القانون 17-95، لا يستلزم الحصول على إذن مسبق من مجلس إدارة الشركة المحدودة إذا كانت الاتفاقية المنظمة “معاملة جارية ومبرمة في ظل ظروف عادية”، وبموجب أحكام الفقرة الثالثة من المادة 58 من القانون 17-95، فيجب على الشركات العامة المحدودة التي تقدم عروضا عامة أن تنشر مذكرة إعلامية تتعلق بالاتفاقيات المنظمة.

ثانياً: التحليل والإيضاحات

تحدد المادة 57 من القانون 17-95 شرطين تراكميين: الأول يتعلق بالطبيعة “الروتينية” للعملية والثاني يتعلق بالشروط “العادية” لهذه العملية. لكن هذه المادة لا تذكر شيئا بخصوص “العمليات غير الجارية”، وبالتالي قد يبدو أن نظام العمليات غير الجارية مجهول

على الرغم من هذه الفجوة في النص القانوني،فإن منهجية التفكير المعاكس تشير إلى أن العمليات غير المتداولة يجب أن تتم الموافقة عليها بشكل منهجي مسبقًا من قبل مجلس الإدارة في جميع الحالات دون أي استثناء ودون أي اعتبار لظروف التعاقد.

وبالفعل، بما أن الفصل 57 من القانون المتعلق بالشركات العمومية المحدودة ينص على الحالات الاستثنائية من القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 56 من نفس القانون، فإن هذا يعني أن أي عملية لا يشير إليها ذلك النص الاستثنائي صراحة فهي إذا لا تزال تخضع للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 56 من نفس القانون.

علاوة على ذلك، فإن الشرط المتعلق بالطبيعة العادية للعملية لا ينطبق إلا في سياق العمليات العادية. بمعنى آخر، لا يمكننا اعتبار أن الصفقة غير المتداولة المبرمة في الظروف العادية يمكن أن تستثننا من نص المادة 56 من القانون المتعلق بالشركات العامة المحدودة.

وبذلك نقترح قراءة المادة 57 من القانون 95ـ17 كالآتي:

1-    لا يجوز كليا لأحد أعضاء مجلس الإدارة أو المدير العام أو نائب المدير العام أو للمساهم الذي يمتلك بشكل مباشر أو غير مباشر أكثر من 5٪ من رأس المال أو حقوق التصويت أن يبرم اتفاقية مع الشركة دون الإذن السابق لمجلس الإدارة إذا كانت بصدد عملية غير المتداولة.

2- يجوز لأحد أعضاء مجلس الإدارة أو المدير العام أو نائب المدير العام أو للمساهم الذي يمتلك بشكل مباشر أو غير مباشر أكثر من 5٪ من رأس المال أو حقوق التصويت أن يبرم اتفاقية مع الشركة دون الإذن السابق لمجلس الإدارة إذا كانت بصدد عملية متداولة ومبرمة وفق ظروف عادية.

ومن المهم التأكيد على هذه النقطة وفحصها بعمق لأن العديد من المدراء والمهنيينيميلون إلى اعتبار أن الاتفاقية المبرمة في الظروف العادية لا يمكن أن تكون ضارة بالشركة وبالتاليفهي لا تتطلب الحصول على إذن مسبق من مجلس الإدارة.

ومع ذلك، فإن هذا المنطق الاقتصادي المحض لا يستوعب المنطق القانوني حيث لا تقتصر فيه سببية الضرر على الظروف القانونية أو المالية أو التقنية للعملية،بل قد تكتمل سببية الضرر في الخطأ المرتكب في سياق تنفيذ الاتفاقية أو بشكل بديهي في مجرد عدم امتثال المدير المعني بالأمر لأحكام المادة 56 من القانون 95ـ17.

لتوضيح هذه الفكرة، لنأخذ مثال مدير شركة إنتاج حديد اسمها بيتا، مدرجة في البورصة، ولديه شقيق يمتلك شركة تموين تدعى ألفا.

قررت بيتا تنظيم حفل عشاء لجمع الأموال لتعويض ضحايا الزلزال مما يستدعي فتح دعوة عامة لتقديم العروض من أجل اختيار العرض الأفضل،و تقدم شركة ألفا عرضًا يتوافق مع جميع مواصفات دفتر التحملات ويتضح أنه أفضل عرضوبما أن العرض الأفضل الذي تم اختياره في إطار طرح العروض يستوفي شروط المادة 57 المذكورة أعلاه، يقرر المدير العام إبرام الاتفاقية مع شركة ألفا دون استدعاء مجلس الإدارة من أجل الحصول على موافقته.

وينعقد الحدث، وخلاله يتوفى أحد المشاركين بعد إصابته بنوبة حساسية حادة.  يثبت تشريح الجثة والتحقيق العلمي لاحقا أن الضحية كان يعاني من حساسية تجاه اللوز، وأن إصابته بنوبة الحساسية التي تسببت في وفاته تعود لتناوله حلوى من الشوكولاتة الداكنة تحتوي تركيبتها على زيت اللوز والتي طلبتها وقدمتها الشركة المنظمة للحدث. وعلى الرغم من أن الضحية حرصت على إبلاغ منظمي الحدث بحساسيتها، إلا أنه لم يتم اتخاذ الإجراءات الاحترازية بشكل شامل..

 

اتضح أن الضحية كانت تمتلك شركة بناء تمثل 42٪ من المبيعات.  بعد وفاة مالكها ومديرها، فضلا عن المتاعب القانونية والضوضاءالإعلامية الناتجة عن هذا الحادث، قررت شركة البناء تعليق طلباتها مع بيتا، مما أدى إلى انخفاض كبير في مبيعات وأرباح بيتا السنوية.

وعلاوة على ذلك، فقد فرضت السلطة الإشرافية للشركات المدرجة عقوبات على بيتا بسبب عدم امتثالها للنظام المنصوص عليه واضطرت إلى نشر تحذير أرباح بسبب تدهور نتائجها مقارنة بالتوقعات. وأدى ذلك إلى انخفاض بنسبة 15٪ في القيمة السوقية لأسهمها.

نظرا إلى هذه الأضرار الجمة،قررت بيتا إقالة مديرها العام نظرا لعدم امتثاله بمنهجية العقود المنظمة ورفعت ضده دعوى المسؤولية المدنية وفقا لأحكام المادة 61 من القانون 17-95.

هذا المثال يهدف إلى توضيح أن المعاملة غير الروتينية على الرغم من إبرامها في ظل ظروف عادية قد تنجم عنها عواقب سلبية للشركةوذلك لأن المفهوم القانوني للضرر لا يقتصر على توفر أو عدم توفر الاتفاقية على الظروف العادية.

وغني عن القول إنه في ظل مثالنا هذا، لو أن المدير العام لشركة بيتا كان قد حصل على موافقة مسبقة من مجلس الإدارة وتمت المصادقة على الاتفاقية من قبل الجمع العام للشركة، لما تحمل مسؤولية العواقب التي نتجت عن تلك الاتفاقية.

وهكذا نختم هذا الطرح بالتنبيه أن الأمن القانوني للشركات ولمدراءها، يستلزم وعيا أعمق بمفهوم العمليات الغير واردة وتمييزها عن العمليات الواردة التي وحددها قد تستثنى من القاعدة العامة وبحث هؤلاء المدراء على الحرص على تنفيذ أحكام المادة 56 من القانون 95ـ17.

احتساب النصاب القانوني للاجتماعات العامة العادية على ضوء الترتيبات الخاصة بالاتفاقيات المنظمة

إن الفحص الدقيق لأحكام الفقرة 2 من المادة 111 من القانون 95ـ17 بشأن النصاب القانوني للاجتماعات العامة العادية يسلط الضوء على بعض التناقضات فيما بين هذه الأحكام والمقتضيات المتعلقة بشروط البت في قرار الموافقة على الاتفاقيات المنظمة.

أولا، تنص هذه الأحكام على نصاب قانوني موحد لاجتماع الجمعية العامة العادية،في حين يمكن عقد الاجتماع العام العادي للشركة للبت بصدد قرارات مختلفة من ضمنها ما قد يتطلب شروطا استثنائية للنصاب القانوني كما هو الحال بالنسبة للقرارات المتعلقة بالاتفاقات المنظمة وأخرى لا تخضع لهذا الاستثناء.

إن النصاب القانوني الموحد لا يمكن تحقيقه ريثما ينعقد للاجتماع العام السنوي من أجل الموافقة على الحسابات السنوية وكذلك على اتفاقية منظمة أو أكثر من اتفاقية منظمة.  فمن جهة، يختلف النصاب القانوني الذي يتم احتسابه من أجل البت في الموافقة على الحسابات السنوية عن النصاب القانوني الذي يتم احتسابه من أجل البت في الموافقة على اتفاقية منظمة.

وكذلك في ظل وجود العديد من الاتفاقيات المنظمة التي قد تعنى بأكثر من مساهم واحد، لا يمكن إلا أن ينتج عن هذا اختلاف النصاب القانوني المحصل

بالإضافة إلى ذلك، يترتب على أحكام الفقرة 2 من المادة 111 المذكورة أعلاه أن النصاب القانوني يحتسب على أساس معادلة يتكون بسطها من المساهمين الحاضرين أو الممثلين ومقامها من الأسهم المتمتعة بحق التصويت والتي يجب أن تكون نتيجتها تساوي   على الأقل 25٪، وهي معادلة غريبة حيث أنه من المحتم أن المساهمين الحاضرين أو الممثلين أكثر عددا من المساهمين المتمتعين بحق التصويت، لأنهم يمثلون مجموع الفئتين… وبما أن إذا كان عدد البسط يتمثل في مجموع الفئتين حتما تكون النتيجة معادلة أو فوق 100٪

ابحث عن الخطأ… أو كيفية الحصول حسابيا على حاصل أقل من 25٪ مع أن عدد البسط يتمثل في مجموع يتضمن عدد المقام.  مما يعني أن النصاب القانوني سيتحقق دائما لسبب هيكلي إلا إن لم يحضر أحد من المساهمين المتمتعين بحق التصويت.

ومن المسلم به أن أحكام المادة 58 من القانون 95ـ17 تنص على أن أصوات المساهم المعني بالأمر لا تؤخذ في الاعتبار في احتساب النصاب القانوني وبالتالي نستوعب أن المساهم المعني بالأمر والمحروم من حق التصويت لا ينبغي أن تحتسب أسهمه في قاسم النصاب القانوني مما يجعله طرح توت ولوجي، لكننا نرى بالأحرى ألا تتحسب أصوات المساهم المعني بالأمر من ضمن عدد البسط.  وهذا هو بالضبط ما تغفله المادة 111 المذكورة أعلاه.

وبناء على ذلك، نرى أنه ينبغي أن يكون نص المادة 111 من القانون 95ـ17بالتناسق مع المادة 58 من نفس القانون، على الصيغة التالية:

“لا تكون مداولات الجمعية العادية صحيحة في الدعوى الأولى لانعقادها إلا إذا كان المساهمون الحاضرون والممثلون المالكون لحق التصويت بخصوص كل من القرارات المطروحة على الجمعية العادية يملكون ما لا يقل عن ربع الأسهم المالكة لحق التصويت “.

اترك تعليقاً

للإتصال بنا :

مدير النشر : امال المنصوري

amal@24.ma

سكريتير التحرير : احمد العلمي

alami@a24.ma

رئيس التحرير : عبد اللطيف بوجملة

boujemla@a24.ma

Exit mobile version