21, نوفمبر 2024

عبد الغفار سويريجي، كاتب ومترجم من مراكش يعمل مديرا لدار نشر كراس المتوحد منذ فاتح ماي 2001،  وقد نشرت الدار العديد من العناوين في مجال الأدب والفن. نشرت للكاتب الاسباني خوان غويتيسولو والكاتب الألماني الشهير هانس فيرنر غوردتس، ورءوف مسعد ونصر حامد ابو زيد، ومحمد خير الدين والكاتب الفرنسي جان جونيه والطيب الصديقي. وأصدر مؤخرا رواية عن المغرب للكاتب والديبلوماسي البلجيكي دانييل صوال، عنوانها  ” أكدز، الصفحة الأخيرة”. بمناسبة تنظيم المعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط.  أجرينا معه هذا الحوار عن النشر في المغرب وقضية الدعم وأمور أخرى….

 

أجرى الحوار: عبد اللطيف بوجملة

كيف تقيومون النسخة الحالية من المعرض بالمقارنة مع السابق؟

معرض الرباط هو معرض حديث النشأة، وتجربته ما زالت تخضع للتقييم.. قبل سنة لم ينشر البرنامج على موقع الوزارة إلا بعد حين من انطلاق اشغال المعرض…

 

لماذا لا تشاركون كدار نشر؟

كيف نشارك في المعرض وثمن أمتار الرواق توازي ثمن طباعة ثلاثة أو أربعة، كتب. لسنا جمعية ثقافية حتى تتكلف وزارة الثقافة بدعم مشاركتنا: تدعم الوزارة مشاركة الجمعيات الثقافية وتتكلف بدعم ثمن أروقتها حتى تشارك هذه الجمعيات بمنشوراتها وتبيع الكتب التي قامت باصدارها و«نشرها» رغم ان هذه الجمعيات لا تحمل صفة ناشر. وعملها تطوعي.. لا يهدف للربح.. ربما على الناشرين المغاربة التفكير بالتخلي عن دور النشر وتأسيس جمعيات ثقافية حتى يمكنهم أن ينالوا دعم وزارة الثقافة وتتكلف هي بدفع ثمن الرواق. لا نشارك في المعرض ببساطة لأنه ليست لدينا امكانيات مادية للمشاركة. الكتاب ببساطة في المغرب لم يعد وسيلة للمعرفة. فالناس لا يذهبون للمكتبات.. ولا يهتمون بالكتب. ومن قال العكس فليذهب لمكتبة مغربية ويراقب كم عدد زوارها في اليوم. هناك ناشرون لديهم علاقات جيدة مع مؤسسات عمومية وخاصة يتمكنون من بيع اصداراتهم بالكامل، وبالجملة لمؤسسات مالية وثقافية أو ما شاكل… ويتحدثون أن الكتاب بالمغرب بخير وبصحة جيدة…

هناك كتاب يشتغلون في التلفزات يتمكنون من بيع كتبهم وتنفذ بسرعة: جمهورهم كثير لا يهمه الكتاب في حد ذاته بقدر ما يهمه أن يأخد صورة وهو يشتري الكتاب مع صاحبه ذو الوجه التلفزيوني، حتى ينشرها في فيسبوك أو أي وسيلة تواصل أخرى، معلقا عليها: مع الكاتب «الفوطوماجيك» فلان الفولاني.. هناك بعض الكتاب منهم يكتبون جيدا.

 

ما هي أبرز الفعاليات التي تثير انتباهكم في المعرض؟

 

أهمية المعرض تأتي من كونه هو فرصة للقاء الكتاب المغاربة. تعرفون جيدا أن اتحاد كتاب المغرب الذي كان يجمع الكتاب، لم يعد موجودا فقد توقف منذ مؤتمر طنجة… ويبقى معرض الرباط فرصة مهمة للتعريف بالكتب في غياب صحافة ثقافية في المغرب.  يهمني كثيرا أن أحضر لتقديم كتاب جديد للكاتب المغربي الكبير محمد برادة، مجموعته القصصية الجديدة، التي صدرت عن دار الفنك..«هَل أنا ابْنُكَ يا أبي؟»..

 

تشاركون برواية جديدة لكاتب اوروربي تدور أحداثها بالمغرب، ما قيمتها الأدبية؟

 

‘آݣدز، الصفحة الأخيرة‘’، عمل روائي للكاتب والديبلوماسي البلجيكي دانييل صوال، ترجمها للعربية الكاتب والمترجم المغربي  المبارك الغروسي، الناشر: دار نشر كراس المتوحد.عدد الصفحات: ١١٢. رسومات: هانس فيرنر غوردتس. تبدأ الرواية، بكشف بعض الأوراق الضرورية لفهم مسارات السرد: نعني الفصل الأول الذي يحمل عنوان ”حط الرحال‘’. بداية ملغومة تقحم القارئ في لعبة تشويق، وكأن الأمر يتعلق برواية بوليسية، هدفها التحقيق في جريمة غامضة، لكن سرعان ما يتلاشى هذا الظن، مع بروز عناصر الرحلة، وشكل السيرة وكتابة المذكرات.

تكشف هذه الأوراق عن جريمة قتل فظيعة تعرض لها الخبير ألأممي يوهانيس ف، في مدينة الرباط. فقد تسلل المدعو فنيد من بين قضبان شباك حديدي للفيلا التي يقيم بها الضحية، وظهر في تصريحات القاتل، للشرطة: « أن الحادث نتيجة عبثية لتعاطي المخدرات ليس إلاّ»..

هكذا ستوكل الأمم المتحدة «بشكل غير رسمي، ومن دون لفت الانتباه أو إثارة الأنظار»، لملحق ثقافي بلجيكي، مهمة فتح تحقيق موازي في حقيقة الجريمة. ويظهر جان بصفته شخصية مركزية وكاتب ضمني للنص، يلعب وظيفة راوي الرواة، ويحط رحاله في المغرب حتى يباشر المهام، الموكولة إليه..

يصل الراوي إلى الرباط وهي المحطة الأولى في تحقيقه، ويلتقي عائشة أ.، و«هي المخاطب الوحيد الذي عينته الجهات الآمرة بالمهمة»، حتى تساعده. هكذا ستقوم هذه الشخصية بترتيب لقاءات وزيارات تدخل، حسب وجهة نطرها، في سياق المهمة المذكورة: برفقتها سيحضر حفل استقبال رسمي للملحقين اللغويين الجدد.. لم يجد في الكلام الرسمي أية أهمية، لذلك صرف نظره عنه وشرع في استطلاع جسد مرافقته، التي بدأت تثيره بحيوتها وأنوتتها، في مشهد ساخر من اللقاء نفسه.

كيف ترون إلى  دعم الكتاب؟ و غياب دعم المشاركين في الفعاليات؟

 

تخضع سياسات الدعم لطبيعة ورأي الوزير. ليست هناك، حقيقة، سياسات قارة ومقعدة لدعم الكتاب والنشر. هناك تطبيقات واجتهادات شخصية تختلف معاييرها ومقاييسها من وزير إلى آخر. يذكر أن محمد الأشعري قد وضع قبل عشرين سنة، آليات لدعم الكتاب والنشر هدفها الأول هو دعم تكلفة الطباعة حتى يكون ثمن الكتاب متاحا للجميع. كان القارئ هو رأس المعادلة. بعد ذلك تغيرت السياسات وشرع في «دعم المشاريع الثقافية»، والمؤسسات الثقافية كبيرة وصغيرة.. وكانت المؤسسات الكبرى تحصل غالبا على حصة الأسد، لأن ملفها كبير و«مهم».

انقطعنا عن التقدم بطلبات للدعم، منذ عام ٢٠١٤، حين رفضت لجان الوزارة دعم كتاب خوان غويتيسولو: قوي مثل تركي، مرفوقا بصور للفنانة الفوتوغرافية الإسبانية الشهيرة إيزابيل مينوز. والغريب أن لجان تحكيم اليونسكو الخاصة بتصنيف التراث اللامادي الإنساني اعتمدت هذا النص في تصنيفها للمصارعة الزيتية التركية تراثا لاماديا إنسانيا. ونشر الكتاب، بلا دعم، أسبوعا قبل حصول غويتيسولو على جائزة سيرفانتيس.

يذكر أن دعم قطاع النشر والكتاب في المغرب، يتداخل مع دعم الجمعيات.. جزء كبير من الأموال المرصودة لدعم قطاع النشر والكتاب توجه لدعم بعض الجمعيات. على أي أساس؟ يستفيدون من الدعم ويطبعون كتبا ويبيعون إنتاجهم في معرض الكتاب بعد أن يحصلوا على أروقة خاصة بهم مجانا وبدعم الوزارة، بينما الناشرون مطالبون في أغلب الأحيان بدفع ثمن الرواق بأمتاره المربعة.  تلك منافسة غير شرعية. ترسخ هذا الواقع، منذ عدة سنوات. تجدر الإشارة إلى أن بعض الجمعيات تضع في الصفحة الأولى من «منشوارتها» إسم المؤلف وعنوان الكتاب ورقم الكتاب الدولي، وأمام عبارة الناشر نجد ما يلي: «الناشر: جمعية بيت إيش، أو مختبر إيش، ومن غرائب الصدف أن ناديا للقراءة يضع في قانونه الأساسي أن من  أهدافه نشر وطباعة الكتب! لا يعبأ هؤلاء طبعا بأن النشر مهنة وصناعة! يزاولون مهنة النشر بشكل سري، رغم أن القانون يحدد عمل الجمعيات في كونه عملا تطوعيا، وغير ربحي… والوقع فصناعة النشر والكتاب مهنة تخضع للضرائب، بينما الجمعيات ليست مؤسسات تجارية، رغم ذلك تبيع منشوراتها في المعرض. ألا يعد ذلك استنزافا لأموال دعم الكتاب والنشر؟ وقد سبق لأحد الوزراء أن طرح إيقاف هذا الاستنزاف وطَرحَ للنقاش موضوع الجمعيات ودعم الكتاب والنشر،  وكان رد الجمعيات في وقفات احتجاجية أمام الوزارة رفعت شعار: إرحل، إرحل… ورحل الوزير.. واستمر دعم الجمعيات في إطار دعم الكتاب والنشر، وترسخ…

يعاني قطاع النشر والكتاب في المغرب، اليوم، من قلة القراءة. هناك إنتاج أدبي متميز يصدر سنويا، لكن قلائل جدا هم الذين ما زالوا يذهبون للمكتبات ويشترون كتبا. لا تحسد المكتبات المغربية حقيقة على وضعها الحالي! والحقيقة فالكتاب في المغرب لم يعد وسيلة للمعرفة وذلك مذ ظهرت الهواتف النقالة.

 

 

 

اترك تعليقاً

للإتصال بنا :

مدير النشر : امال المنصوري

amal@24.ma

سكريتير التحرير : احمد العلمي

alami@a24.ma

رئيس التحرير : عبد اللطيف بوجملة

boujemla@a24.ma

Exit mobile version