18, أكتوبر 2024

المنعطف- الرباط

أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي في هذا الإطار، خلال تقديم مشروع الميزانية الفرعية للوزارة في لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة في 3 نونبر 2022، أن المغرب قلص تبعيته الطاقية للخارج إلى 90,36 في المائة بعدما كانت تقدر بـ97,50 عام 2008. وأصبحت المملكة مدعوة، أكثر من أي وقت مضى، إلى ضمان تفعيل توجهاتها الإستراتيجية المعتمدة وتسريع وتيرة تنفيذها، والتي تهدف بشكل خاص إلى تعزيز الأمن الطاقي للبلاد وتحسين مناعته وتنافسيته الطاقية.

تطوير الطاقات المتجددة مكون رئيسي لاستراتيجية الانتقال

وأكدت الوزيرة أن المغرب “يمر بمرحلة انتقالية في مجال الطاقة الرقمية والاجتماعية، ولكنه يمر أيضًا بمرحلة انتقالية بين نموذج التنمية القديم والجديد. وفي هذا الانتقال بين الجديد والقديم، يعد قطب الطاقة أمرًا بالغ الأهمية”.
ويتم العمل حسب ما جاء في التقرير الاقتصادي والمالي لمشروع قانون مالية عام 2023، على تسريع مسلسل الإنتقال الطاقي للبلاد من خلال التطوير المكثف للطاقات المتجددة، إذ يبقى تسريع تطوير الطاقات المتجددة وتعزيز حصتها في المزيج الطاقي الحل الأمثل للمغرب لمواجهة مختلف التحديات المطروحة، في هذا الإطار، مشيرا إلى أن استراتيجية الانتقال الطاقي سجلت، منذ إطلاقها عام 2009، تقدما كبيرا (37,6 في المائة من القدرة الكهربائية المنجزة عام 2021). وأبرز التقرير أن الاستخدام المكثف للطاقات المتجددة يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من المزايا، بما في ذلك انخفاض معدل التبعية الطاقية، وخفض الفاتورة الطاقية الوطنية وخلق فرص شغل مباشرة وغير مباشرة، وكذا أثرها الهام على الحد من انبعاثات الغازات الدفينة وتحقيق طموح “الحياد الكربوني” على المدى الطويل.
وتعتبر الحكومة أنه بات من الضروري تعزيز الإنتاج اللامركزي للكهرباء من المصادر المتجددة على مستوى المنازل والصناعات والجماعات والضيعات الفلاحية، فضلا عن تعزيز قدرات التخزين والمخزون الاستراتيجي من المنتجات البترولية على المستوى الوطني.
ويشكل برنامج تطوير الطاقات المتجددة، والذي يخضع لتتبع خاص من قبل جلالة الملك محمد السادس، مكونا رئيسيا لاستراتيجية الانتقال الطاقي، ويساهم بشكل كبير في تقليص التبعية الطاقية للبلاد والتي ينبغي أن تنتقل من 97 في المائة عام 2018 إلى 82 في المائة عام 2030. ووطبقا للتوجيهات الملكية السامية في هذا الصدد، تم عام 2016 مراجعة أهداف الاستراتيجية الطاقية لعام 2009، حيث تم الرفع من أهدافها لتنتقل نسبة حصة الطاقات المتجددة في باقة إنتاج الطاقة الكهربائية من 42 في المائة عام 2020 إلى 52 في المائة في أفق عام 2030.
ويراهن المغرب، كذلك على تطوير الهيدروجين الأخضر كمشروع واعد لتوليد الطاقة النظيفة. فقد أشار التقرير إلى تصنيف المغرب، وفقا لمجلس الطاقة العالمي بألمانيا، واحدا من خمسة بلدان تتوفر على أكبر إمكانات لإنتاج وتصدير الجزئيات الخضراء (الأمونيا والميثانول). ويمكن أن يستحوذ على ما يناهز 4 في المائة من سوق الهيدروجين العالمي، وفقا لوزارة الطاقة، أو ما يقارب 3 مليارات دولار، مبرزا أن هذه التكنولوجيات تتميز بمستقبل واعد، خاصة في مجال التنقل والصناعة. وتم في ما يتعلق بإنجازات هذا البرنامج حتى متم عام 2021، وفق ما جاء في تقرير مشروع قانون المالية لعام 2023 المتعلق بالمؤسسات العمومية والمقاولات العمومية، تحقيق قدرة إجمالية من الطاقات المتجددة تبلغ 4.050 ميغاواط، وذلك من أصل قدرة إجمالية للإنتاج تبلغ 10.743 ميغاواط، حيث تبلغ حصة الطاقات المتجددة 37,7 في المائة من مزيج الكهرباء الوطني، مقابل هدف أولي حدد في 42 في المائة عام 2020.
وتتوزع هذه القدرة الإجمالية من الطاقات المتجددة على مشاريع الطاقة الشمسية بـ827 ميغاواط (مشاريع الوكالة المغربية للطاقة المستدامة: نور ورزازات 1 بقدرة 160 ميغاواط، ونور ورزازات 2 بقدرة 200 ميغاواط، ونور ورزازات 3 بقدرة 150 ميغاواط، ونور 1 باستعمال نظام الألواح الضوئية بقدرة 177 ميغاواط موزعة على 3 محطات، وهي ورزازات 72 ميغاواط والعيون 85 ميغاواط وبوجدور 20 ميغاواط، إضافة إلى حظيرتين للطاقة الشمسية منجزة من طرف المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بقدرة 20 ميغاواط بعين بني مطهر و120 ميغاواط تخص مشروع نور تافيلالت)، ومشاريع الطاقة الريحية بـ1.423 ميغاواط، ومشاريع الطاقة المائية بأكثر من 25 محطة للطاقة المائية بقدرة إجمالية تبلغ حوالي 1.800 ميغاواط. وتبلغ التوقعات حتى متم عام 2022 ما قيمته 87 ميغاواط من الطاقة الإضافية الريحية (المرحلة الأولى من حظيرة تازة) بينما لم يتم برمجة أي مشروع للطاقة المائية أو الشمسية عام 2022. ومن المتوقع أن تبلغ الطاقة الإضافية المتراكمة للطاقات المتجددة حتى متم عام 2022 ما قيمته 4.137 ميغاواط؛ أي 38,2 في المائة من المزيج الكهربائي.
راكم المغرب منذ تبنيه لسياسة الطاقة المتجددة خبرة كبيرة في مجال الطاقة البديلة، بلغت تقريبا نفس قدرة إنتاج الغاز والنفط في فنزويلا ونيجيريا. وسيسمح هذا التوجه للمغرب بتزويد أوروبا بالطاقة الخضراء عبر الكهرباء والهيدروجين، والتقليل من التبعية الطاقية بشكل كبير، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، وتحقيق تنافسية الصناعات الطاقية. ولتحقيق هذه الأهداف ينبغي العمل على تنزيل سياسة متناسقة للطاقات المتجددة ومواكبة ثورة الهيدروجين، إذ يمكن استغلال المميزات التنافسية للمغرب في هذا الشأن، ومواكبتها بإصلاح شامل للإطار القانوني بالشكل الذي يشجع أكثر على الانخراط في هذا التوجه، وإرساء معطى الحكامة من أجل التكيف مع التطورات التي يشهدها القطاع، وإعادة تشكيل السياسات العمومية التي تؤثر على الطاقة من خلال التعاطي بطريقة منسقة ومتكاملة مع مجموع السياسات ذات الصلة التي تمت بلورتها وتنفيذها بشكل منعزل، وإعطاء حيز أكبر للمبادرة الخاصة على جميع المستويات، مع الحرص على نقل التكنولوجيات المساهمة في التنمية الصناعية لقطاع الطاقة المتجددة.

المغرب ضمن أربع دول تستحوذ على ثلاثة أرباع الاستثمارات

أصبحت المملكة المغربية من أبرز محطات الاستثمارات الأجنبية والمحلية في مجال الطاقات المتجددة خاصة الشمسية والريحية، ومكّنت القوانين والإصلاحات التي باشرتها من تحفيز الاستثمار على مستوى مختلف المناطق، خاصة الجنوبية المتميزة بجاذبيتها للاستثمار الوطني والدولي في مجال تطوير مشاريع الطاقات المتجددة، نظرا للإمكانات الهائلة التي تتوفر بها في هذا المجال.

سجلت الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة العام 2021 مستوى “مقلقا جدا” هو الأدنى منذ 11 عاما في إفريقيا رغم القدرات الهائلة لهذه القارة، وفق ما ذكر تقرير صادر عن “بلومبرغ أن إي أف” خلال مؤتمر شرم الشيخ حول المناخ (كوب27). وأوضح التقرير خلال المؤتمر الذي يعقد تحت عنوان “كوب إفريقيا”، أن “2,6 مليار دولار فقط استثمرت في طاقة الرياح والطاقة الشمسية والحرارة الجوفية ومشاريع طاقة متجددة أخرى في 2021، وهذا هو الأدنى منذ 11 عاما”. وارتفعت الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة في العالم بنسبة 9% على مدار عام، لتصل إلى أعلى مستوى لها العام الماضي، إلا أنها تراجعت بنسبة 35 % في إفريقيا التي لا تمثل سوى 0,6% من 434 مليار دولار استثمرت في الطاقة المتجددة عبر العالم.
وقالت مؤسسة بلومبرغ، “أن هذا التراجع في القارة الإفريقية حيث يرتكز إنتاج الكهرباء بشكل واسع على مصادر الطاقة الأحفورية الملوثة والمكلفة، يحصل رغم الموارد الطبيعية الاستثنائية في إفريقيا والطلب المتزايد على الكهرباء وتحسن البيئة السياسية”. وتتمتع إفريقيا بقدرة واضحة في مجال الطاقة الشمسية، إلا أنها تساهم في 1,3 % من قدرات الإنتاج العالمية لمصدر الطاقة هذا. وشدد التقرير أيضا على وجود تركز كبير للاستثمارات في بعض الدول، لا سيما جنوب إفريقيا ومصر وكينيا والمغرب التي تستحوذ وحدها منذ العام 2010 على ثلاثة أرباع إجمالي المبالغ المستثمرة تقريبا.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالتحرك المناخي مايكل بلومبرغ، “الاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة في إفريقيا عند مستوى متدن ومقلق”، وأضاف “لتغيير هذا الوضع، نحتاج إلى مستويات تعاون جديدة لتحديد مشاريع طاقة نظيفة قابلة للاستمرار وتوفير التمويل لها من القطاع الخاص مع دعم حكومي لتحويل قدرة إفريقيا لتكون القائدة العالمية للطاقة النظيفة إلى واقع”.
وحدد معدو التقرير “عوائق” تحد من انتشار مصادر الطاقة هذه في إفريقيا مثل غياب الاطلاع على الفرص في القطاع من جانب المستثمرين المحليين والنقص في التخطيط. واقترح التقرير الاستفادة من خبرات دول أخرى نجحت في تجاوز هذه العوائق ذاكرا خصوصا استدراجات العروض في البرازيل وجهود بنك التنمية الوطني في المكسيك.
وقع المغرب المصنف من قبل برلين ضمن أفضل خمسة شركاء في الطاقة لأوروبا، خلال “كوب 27” مذكرة تفاهم مع ألمانيا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال للتجارة في الإلكترونات الخضراء وتطوير أسواق مخصصة، وتريد المملكة أن تكون “الأخ الأخضر الأكبر” لجيرانها وهو ما يعكس تضامنها في تطوير التعاون الكامل بين بلدان الجنوب من خلال تبادل القدرات والتكوين والمشاريع والتمويل.

أصبح المغرب رائدا في مجال الطاقات المتجددة

أكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، أن المغرب أصبح، بفضل السياسة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، رائدا في مجال الطاقات المتجددة.
وفي مداخلة له خلال مؤتمر ستوكهولم+50 الدولي أكد هلال، الذي شارك في حوار القادة حول التعافي المستدام بعد كوفيد، أن المغرب كان سباقا للاستثمار في الحلول المستدامة، لا سيما في مجال الطاقات المتجددة ليصبح اليوم بلدا رائدا في هذا المجال على الصعيد الدولي. وقال السفير أن “بلدي المغرب يهدف، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى زيادة حصة الطاقات المتجددة لتتجاوز 52 في المائة في المزيج الطاقي بحلول عام 2030”. وأوضح، في هذا السياق، أن مشاريع الطاقات المتجددة في المغرب أصبحت ممكنة بفضل إرساء إطار تشريعي وتنظيمي ومؤسساتي مناسب، والذي تواصل المملكة تحيينه، بهدف جعل قطاع الطاقات المتجددة أكثر جاذبية للاستثمار الخاص.
وذكر أنه “تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية، مبادرات جديدة رأت النور في السنوات الأخيرة في المغرب. ويتعلق الأمر أساسا، باعتماد خارطة طريق لتطوير الهيدروجين والتثمين الطاقي للكتلة الحيوية، والإعداد الجاري لخارطة طريق للطاقة البحرية”.
وأضاف السفير أن الأمر يتعلق أيضا بإعداد برنامج مندمج للتحلية المبرمجة للمياه المركزية، مدعوما بوحدات إنتاج الطاقات المتجددة، والبرنامج الوطني لإزالة الكربون في مجال الصناعة من خلال تزويد جميع المناطق الصناعية بالمملكة بمشاريع الطاقات المتجددة. وتابع أن مثل هذا التحول يتطلب تمويلا هائلا على المستوى العالمي، مبرزا أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتعبئة تمويلات للمشاريع الخضراء، وتقديم الدعم المالي للبلدان النامية، التي تتوفر على إمكانات كبيرة لاقتصاد أخضر.
وافتتح هلال أيضا حدثا خاصا بشأن التزام منظومة الأمم المتحدة بالنهوض بحق الإنسان في بيئة صحية ومستدامة، علاوة على ذلك، وفي إطار الاجتماع الأممي ستوكهولم+50، وتمحور هذا الحدث حول تعزيز وتنزيل القرار 48/13، الذي اعتمده مجلس حقوق الإنسان والذي يعترف بالولوج إلى بيئة صحية ومستدامة كحق كوني من حقوق الإنسان. وقال أن “المغرب يعد أحد البلدان الفخورة التي بادرت وشاركت، مع مجموعة من الوفود في جنيف، ولأول مرة، في رعاية القرار 48/13 الذي يعترف بالولوج إلى بيئة صحية ومستدامة كحق كوني من حقوق الإنسان”، مبرزا أن اعتماد هذا القرار من طرف مجلس حقوق الإنسان كان بمثابة خطوة تاريخية وحظي بدعم واسع النطاق.
وأعرب عن يقينه بأن “الإعتراف بالحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة سيساهم في تحسين حياة الملايين من الأشخاص”، مذكرا بأن “هذا الحق متجذر في إعلان ستوكهولم لعام 1972، وقد دافع عنه المجتمع المدني في كل بقاع العالم على مدى أزيد من 30 عاما”. وخلص السفير إلى أن الاعتراف الكوني بالحق في بيئة صحية يعد، بالنسبة للمغرب، أمرا ضروريا لزيادة إبراز احتياجات وتحديات وأولويات البلدان النامية في مجال حماية البيئة والعمل المناخي، وذلك بالموازاة مع حقها المشروع في التنمية، كما تؤكده التقارير الأخيرة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة “جدول أعمالنا المشترك”.

اترك تعليقاً

للإتصال بنا :

مدير النشر : امال المنصوري

amal@24.ma

سكريتير التحرير : احمد العلمي

alami@a24.ma

رئيس التحرير : عبد اللطيف بوجملة

boujemla@a24.ma

Exit mobile version