فاطمة بوبكري
حماية الأمن المهني للعدول وتمكينهم من آليات العمل ضمانا للأمن التعاقدي، أصبح في كف عفريت بعد التأزم الذي تعانيه هذه الفئة والمرتبط أساسا بالإشكال القضائي الذي ساهم في تقزيم هذه المهنة، ما دفع بعدول المملكة للإعلان عن إضراب وطني عام يومي 27و 28نوفمبر الحالي، هذا ما كشفت عنه كل من الهيئة الوطنية للعدول بشراكة مع الجمعية المغربية للعدول الشباب في ندوة صحافية بالرباط تحت شعار “أية حماية قانونية للعدول من مافيا العقار”، معلنة بهذا القرار ناقوس الخطر بخصوص المستقبل المهني للعدول.
الندوة شكلت مناسبة مهمة قرب من خلالها المنظمون وسائل الإعلام، ومن خلالها الرأي العام الوطني، من وضعية وواقع مهنة العدول وماتعانيه من إكراهات وإشكالات تعصف بمستقبلها ، كما أبرزت مجموعة من المعطيات كان اللبس يلفها ومنها اعتقال عدلين بجهة القنيطرة، وفي هذا السياق أعرب المتدخلون عن ثقتهم الكبرى في القضاء وكل ماسيسفر عنه من أحكام، مردفين أن هيئتهم لن تدافع عن المتورطين من زملائهم، وأنهم أول من يتبرأ منهم إذا ماثبت تورطهم، وكل هذا من أجل حماية المهنة وحفاظا على ضمان الثقة بالدولة.
وعلاقة بالموضوع، أوضحت الندوة مكامن التعثر الكامنة في مسطرة الاعتقال الاحتياطي الصادر عن النيابة العامة وهو القرار الذي لايقبل الطعن، وتعتبر الهيئة كما صرحت بذلك أنها ضد الاعتقال الاحتياطي في حق العدول، فهذا الأخير ـ أي الاعتقال الاحتياطي ـ يعتبر إجراء استثنائيا، يتوجب أن يكون مقرونا بتوفير الضمانات اللازمة للمحاكمة العادلة، مع العلم أن أغلب ملفات العدول مرتبطة ب”اللفيف”، إلا أن المشرع المغربي ـ حسب قول المتدخلين ـ تعامل بانتقائية مع مؤسسة التوثيق العدلي والقضاء ساير هذا الطرح “التمييزي”.
من جهة أخرى، نفى المتدخلون في الندوة، نفيا قاطعا وجود أي عنصر من عناصر العدول مرتبط بشبكة مافيا العقار، هاته الأخيرة التي يعد العدول من ضحاياها ، بل الأكثر من ذلك فهي تشكل خطرا يهدد الأمن العقاري والتعاقدي، مستغلة في ذلك التقدم التقني والتكنولوجي لتتطور من السلوك الفردي إلى درجة الجريمة المنظمة، وفي هذا السياق طالب العدول على لسان الهيئة والجمعية المذكورة بتكريس الحق في ولوج العدول إلى المعلومة العقارية والقانونية عموما ، مع التفكير في تشريع جنائي موحد يشمل كافة المهنيين مسطريا وموضوعيا وذلك بغية تحقيق الأمن المهني والتعاقدي، الذي أضحى يعصف بمستقبل المهنة، ومن أجل هذا المبتغى قرر العدول مباشرة أشكالهم النضالية للتعريف بقضيتهم أكثر لدى المتتبعين والرأي العام الوطني للتحسيس بخطورة المسار الذي يتربص بالمهنة التي وازت نشأتها نشأة الدولة المغربية أي قبل أربعة عشرة قرنا.